| 0 التعليقات ]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أكتب إليكم الآن وفي عيني وقلبي آلاف الدموع والأحزان لم أكن أعلم أن كل تلك الأحزان ستتمكن مني فكانوا يقولون لي أكثر ما يحبونه فيّ الرضا والصبر، فأنا منذ أربع سنوات وما قبلهم كانت لديّ أسرة ليست بمثالية ولكن كعادة كل الأسر هناك خلافات شديدة، لم أنشأ بين أب ولا أم متفاهمين بكل ما تحمل الكلمات من معانٍ، لكن كان بينهما احترام وكنا نعيش في ستر الله، كانت حياتنا مثل الآخرين إلى أن توفي أبى على يدي.. حزنت حزنا شديدا لفراقه لكني صبرت.. كنت أحلم أن يسلمني إلى زوجي وأن يعبر بي إلى بر الأمان كأي فتاة مثلي، ولكن الله يبتلينا كي يختبر صبرنا..


صبرت والحمد لله فقد عوّضني الله بصديقة لم أحلم أن تكون لي مثلها من قبل، وأعجبت بشخص بعد سنتين من صدقتنا فإذ بها تبعد بدون أي أسباب غير أنها ملّت، رغم أني تعلقت بها مثل تعلقي بأمي، وكنت أفعل لها كل ما تريده، لم تكن لي عيوب في صداقتي معها إلا أنني كنت أحب دائما ألا تفعل الخطأ، هي نفسها كانت تقول ذلك، كنت معها ملاكا ليس بنا شخص كامل لكني كنت معها على أفضل وجه.. عانيت كثيرا جدا لن أستطيع مهما قلت أن أصف كم تألمت لبعدها غير المبرر وأجدها أمامي تصادق أخرى، وتفعل معها مثل ما كانت تفعل بي كنت أعاني حتى تحديت وصبرت، والحمد لله نسيتها..


ذلك الشخص الذي أعجبت به ظلمني هو وأصدقاؤه كثيرا وأطلقوا عليّ كلام لا يمتّ لى بأي صلة أنا لم أكلم أي ولد في جامعتي، وكنت ملتزمة جدا حتى علموا بذلك بعد مرور أول سنة من دراستنا، وشخص منهم أوصل لي ذلك الكلام مع صديقة، ولكن ماذا يفيد؛ فقد تألمت كثيرا وقتها لم أكن أقدر على التحمل فأصعب ما يتهمك الشخص هو أن يتهمك بما ليس فيك خاصة أني كنت على خلق ودين، وأحافظ على نفسي أكثر من أي شخص، أختي أصبحت مخطوبة بعد وفاة أبي بمدة بسيطة، وظلت هي وأمي يبعدونني، كنت دائما وحيدة وكانوا لا يرغبون في أن أتواجد في مكان عريس أختي ظنا منهم أن تلك عادات الكل، فتحملت قمة وحدتي بوجود أختي دائما مع أمي يتناقشون ويعيشون فترة خطوبتها، أما أنا فقد كنت وحيدة حتى فسخت أختي الخطبة وهي قد تزوجت الآن..


أما بالنسبة لأمي تلك فقد كنت أعشقها، كنت أغار عليها من أبي رحمه الله، كانت لديّ مثل الماء، وتعرفت على شاب أحبني وأحببته، فذلك الوحيد الذي كلّمته وقال لأهله وقلت لأهلي هو في كلية طب، والظروف المادية وطول فترة دراسته تمنعنا من الزواج لكنه رائع وأكثر..


بعد وفاة أبي فتحت أمي شركة تجارة وتعرفَت على شخص عن طريق أخي وإذ بها تحبه وتفرض علينا أن نتقبله ولكني لم أتقبله بأي صورة، فكنت أصرخ، وكانت تعلم كم كنت مجروحة، كم كنت أتقطع أمامها وتراني ولا تبالي.. من هي؟ تلك ليست أمي حتى اكتشف أخي أن ذلك الشخص كان ينصب علينا كي يأخذ إرث أبي الذي تركه لنا ليس لأمي، فانفصلا حتى جاء شخص آخر أيضا عن طريق أخي ووقف إلى جانبنا بشدة، وكان لنا مثل الأخ، فكان يكبرني ببعض سنين حتى اكتشفت أنه تزوج أمي عرفيا وأنه سرق منا كثيرا جدا بأنه كان يكتب إيصالات أمانة وأمي كانت تدفع من إرثنا حتى لا يسجن، وأنهما كانا يتقابلان في شقة تحت شقتنا، كانت أول شقة عشنا فيها.. باعت أمي نصف عمارتنا، وتزوجت أختي، وذلك الشخص سرقنا ووقفت أمامها أتحداها وهي تحمل له من الحب وتدافع عنه حتى هرب وتركها لم يعد لدينا غير باقي نصف عمارة عبارة عن شقتين، وأيضا علمت أن أمي تزوجت من الأول ولكنه زواج شرعي وأن ذلك الشخص ساوم أخي على العمارة لكن أخي خدعه وهرب..


لماذا تفعل أمي ذلك؟ لقد تربيت على الأخلاق والدين، ، حياتنا أصبحت فقرا ولم نجد حتى ما نأكله، كما أنني منذ سنتين وأنا لا أرى أمي غير ساعة أو ساعتين وأحيانا لا أراها.. كنت وحيدة جدا وكلما كنت أكلمها كانت تقول المال وأخي على أنه في جامعة خاصة وزواج أختي.. مللت الوحدة يأخذ كل أصدقائي كورسات ولكني أتحجج بأي شيء ولكن السبب أنه ليس لدينا مال بسبب أمي حتى أن ذلك الشخص جعلها توقّع على إيصال أمانة..


الحمد لله على كل شيء.. الآن تقدّم لي حبيب عمري لخطبتي بعد حب ثلاث سنوات، وحاولنا أن نراعي الله فيه بقدر ما نستطيع ولكن لم نملك من المال إلا القليل وكما أنني سعيدة لكنني حزينة ففرحتي به ليست كاملة أبدا بسبب دموعي وأحزاني الدائمة، أحلم باليوم الذي سأمشي فيه من هنا، كما أنني أدعو الله دائما أن أمشي، وذلك الشخص أمامه ثلاث سنوات، سأتحمل وأنتظره لكني الآن لم أعد أتحمل تلك الحياة.. لم أعد أحب أمي.. لم أقدر.. حاولت مرارا وتكرارا.. يا رب ماذا أفعل عندما أقف إلى جانبها أتعب هل أنا على خطأ أم على صواب؟ هل كل ذلك يستحق الحزن أم إنني أكبّر كل شيء؟ أرجوكم الرد وعذرا على التطويل.


مليئة بالأحزان


تمنيت فور قراءتي لرسالتك أن أقابلك لأربت عليك بكل الحب والاحترام وأن أهمس لك: هوّني على نفسك، فما هكذا تعاش الحياة، ومازلت في بدايات الشباب الجميل، وأدعو لك بإتقان النظر إلى الحياة بواقعية لكي تحصدي النجاح والسعادة طوال حياتك..

وأؤكد لك أنه لا توجد أسر مثالية لأننا جميعا بشر ولدينا عيوب ولسنا ملائكة، ومن الطبيعي أن تحدث خلافات بين الأزواج، ومن الرائع أن يتعامل والداك باحترام فهذه عملة أصبحت "نادرة" مع الأسف، وأتمنى الاحتفال بسابق وجودها في حياتك، وأن تحرصي على الالتزام بها مع زوجك بمشيئة الرحمن..

واحترمت بشدة حزنك على والدك، رحمه ربي وأعزه، وسعدت بصبرك وكنت أتمنى ألا تتعاملي مع صديقتك على أنها "تعويض" عن فقدان والدك، حتى لا تبالغي في حبها، وأتمنى أن تتذكري دائما أن خير الأمور الوسط، حتى تحمي نفسك من مخاطر الاندفاع العاطفي، وأرجو ألا تتعاملي مع أي مخلوق في الكون على أنه مصدر للأمان؛ فالخالق عز وجل وحده هو الذي يمنحنا الأمان؛ لأنه وحده الباقي والرحمن واللطيف بعباده، بينما البشر يرحلون ويتغيرون؛ لأن هذه طبيعتنا كبشر..

وأتمنى أيضا أن تتعلمي من تجربة صداقتك المؤلمة ألا تضعي البيض في سلة واحدة، أي أن تحرصي على تنوع علاقاتك الإنسانية بين الصديقات والزميلات، وأن تكوني أفضل صديقة لنفسك عن طريق حمايتها من كل ما يؤذيك وكنت أتمنى أيضا ألا تبالغي في الاهتمام بالكلام السيئ الكاذب الذي أطلقه عليك الشخص الذي أعجبت به، وأن تتعلمي من هذه التجربة المؤلمة أنه لم يكن يستحق إعجابك، وأن ليس كل ما يلمع ذهبا، وأن تدخري إعجابك لمن تثقين أنه محترم ويستحق إعجابك فضلا عن جديته ومبادرته للفوز بك كزوجة واستعداده المادي لذلك أيضا..

وقد تألمت كثيرا لتورط والدتك في هذه العلاقات بعد وفاة والدك، ولا شك أنها تمر بأزمة نفسية وعاطفية كبيرة، وأن هذين الرجلين استغلا ذلك، ولا أبرر تصرفاتها بالطبع، ولكن من الضروري تفهم ذلك ولا يعني القبول أو الترحيب..

وأتمنى ألا تقعي أو تقتربي أبدا من دائرة العقوق لوالدتك، فالعقوق من الكبائر، وأن تتذكري أنه كما قيل -عن حق -أن الخالق لم يترك مبررا للأبناء للعقوق، فحتى الكفر لم يقبل الخالق -عز وجل- أن يقوم الأبناء بعقوق الوالدين الكفار وإن جاهدا لإقناع الأبناء بالكفر..

ووالدتك، رغم أخطائها العاطفية والمادية، ليست بكافرة بالطبع، وقد خفت عليك كثيرا؛ لأنك قلت إنك قمت "بتحديها" وأخشى عليك كثيرا من العقوق، وصدقيني أتفهم غضبك المشروع لقيام والدتك بالتصرف السيئ في أموالكم، وأيضا صدمتك في تصرفاتها العاطفية بعد رحيل والدك، ولكن كل هذا لا يبرر الإساءة إليها لا دينيا ولا دنيويا..

ومن الناحية الدنيوية، فكيف تتوقعين علاقة جيدة معها وأنت لا تظهرين لها الحب ولا الاحترام..
ولا تقولي: هذا يحدث رغما عني، فهذا غير صحيح، فقد قمت بشحن نفسك ضدها لفترات طويلة، بدءا من انفرادها وأختك بالحديث أثناء خطبتها، ومرورا بقصة زواجها العرفي، ثم الشرعي، وانتهاءً بضياع جزء كبير من إرثكم..

لذا أتمنى التخلص من كل هذا الغضب المتراكم؛ لترحمي نفسك من كل هذه الأحمال النفسية وأن تطلبي من الخالق -عز وجل- أن يعوضك وإخوتك خيرا عما فقدتموه من أموال، كما أدعو لكم من كل قلبي، أما عن عدم قدرتك على الحصول على دورات تدريبية، فبإمكانك الالتحاق بها في أماكن تُقدمها بصورة ممتازة وبأسعار زهيدة مثل الكثير من الجمعيات الخيرية وجمعية جيل المستقبل..

وأتمنى الفرح بتقدم من أحببت لخطبتك وطرد الأحزان، وألا تحكي له أشياء سيئة عن والدتك حتى لو كانت حقيقية، حتى لا يعايرك بها بعد الزواج، كما حدث في حالات مشابهة عايشتها بنفسي..

وأرجو أن تنتصري على إبليس اللعين الذي يوسوس لك بأنك لا تحبين والدتك، فالحقيقة أنك تحبينها ولكنك تتألمين من تصرفاتها، والتي لا أرحب بها بالطبع، ولكن لابد أن نتذكر أننا كأبناء لا يحق لنا الحكم على الأباء أو معاقبتهم فذلك مرفوض دينيا، ويؤذينا دنيويا أيضا؛ لأنه يحرمنا من الاستمتاع بأي قدر من التواصل بينهم..

تصالحي مع حياتك ومع والدتك ومارسي أية أعمال ولو كانت تطوّعية وتفاءلي وابتسمي للحياة؛ لترد عليك بما هو أجمل، وأتمنى قراءة هذا الرد كثيرا، وكلما حاول إبليس اللعين "سرقة" سلامك النفسي اسحقيه بقدميك؛ لأنك تستحقين حياة أفضل أدعو لك بها، وأثق أنك ستحققينها بمشيئة الرحمن، ولن تتراجعين أبدا.. وفقك ربي.

0 التعليقات

إرسال تعليق