| 0 التعليقات ]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو أن تتسع صدوركم لسماعي لأني تعبانة قوي قوي قوي.

تبتدي الحكاية من زمان قوي من 9 سنين تقريبا، كنت شابة صغيرة الكل يشهد لي بحسن الخلق والتدين والالتزام، كان دايما حلمي أن أتزوج رجلا ملتزما ملتحيا وحافظا القرآن ونحيا حياتنا على طاعة الله.

تقدم لخطبتي رجل طيب ولم أعترض ووافق أهلي، لم يكن بمواصفاتي ولكنه كما قلت طيب يصلي بعض فروضه في المسجد، وتزوجنا ورزقني الله منه أجمل طفلين، وفي يوم كنا بنعمل شغل وجاء شاب لمساعدتنا في العمل، كان ما شاء الله عليه ملتزم ومتدين وحافظ لكتاب الله، سافر زوجي للعمل بالخارج وسافرت معه.

وفي يوم وأنا مع زوجي في الغربة وجدتني اتصل بهذا الشاب مش عارفة ليه؟ كنت عايزة أعرف رد فعله في اتصال فتاة بيه طبعا وهو ميعرفش أنا مين، المهم طلبت منه إيميله لأراسله وفعلا أعطاه لي وكلمته على الشات، لم أعطه معلومات صادقة عن سني فأنا أكبر منه، ولا عن كوني طبعا متزوجة.

وتوطدت العلاقة بيننا كنا نتكلم في مواضيع عامة ودينية وبكل احترام لا تبذل ولا تفريط، وبعد فترة تعلق هو بي، وهو طبعا لا يعرف من أكون وطلب مني أن يتقدم لخطبتي وطبعا رفضت وتعللت بأمور كثيرة.

وكلما مرت الأيام يزداد تعلقه بي حتى صارحني وهو الشاب المتدين بمدى حبه لي، وأنا أيضا كنت أحس بميل له، كنت أرى فيه الرجل الذي طالما تمنيت أن أكون زوجته وتكلمت معه فيما كنت أتمنى أن أتكلم فيه مع زوجي ولكن كان زوجي لا يبالي بهذا الكلام بأنني أريد أن أعيش معه في طاعة الله.

أشعر أنني أخون زوجي وأعصي ربي، وتماديت معه أصبحت أكلمه على الموبايل وعلى الشات حتى زاد تعلقه وأصبح يسمعني كلمات الغزل والحب وهو يشهد الله أنه ما كان يقولها إلا لأنه يرجو من الله أن أكون زوجته.

أفقت مما أنا فيه من ظلم لنفسي وزوجي وأولادي وظلم لشاب طيب القلب لم يسئ لي في شيء، وصارحته أنني عقدت قراني، طبعا ليست الحقيقة كاملة ولكن لأبعده عني وليحيا حياته.

حالة الشاب سيئة جدا وقال لي إنه يدعو الله أن يفارق الحياة وهو على طاعة الله وتكلمت مع أمه فقالت إنه لا يأكل أو يشرب. أحس بالذنب ولا أقدر على نسيان كلماته الرقيقة ومشاعره الطيبة ولا أنكر شعوري بالخزي مما فعلت.

توقفت عن محادثته أو الشات معه ولكني لا أستطيع أن أقاوم رغبتي في الاطمئنان عليه وعن أحواله.

أعرف ما يمكن أن يقال عني ولي ولكني تعبانة ومش لاقية حد أتكلم معاه.

ساعدوني بالله عليكم..
ها أنت ترسلين لنا مشكلتك، وهذا يدل على حقيقة واضحة وهي أنك تمرين بلحظات ضعف وألم عصيبة وقاسية، وأنك تبحثين فعلاً عمن يساعدك في الخروج من سقطاتك وخطاياك.

أنت إذا كنت قد استسلمت تمامًا للضعف والمعصية، لما كنت أرسلت لنا مشكلتك، أيضًا ولما كنت اخترت موقعنا الذي تعلمي أنه جاد وملتزم، وتعلمين أننا بالتأكيد لن نوافقك على أخطائك، بل وأننا سنلومك ونعاتبك، وربما نقسو عليك!! ولكنك رغم هذا أرسلت لنا مشكلتك مستغيثة، وباحثة عن (قشة) تتعلقين بها قبل الغرق.

هناك حقيقتان أرجو أن تتفقي معي فيهما، وأن تكوني مؤمنة بهما تمامًا حتى تستطيعي الخروج مما أنت فيه؛ لأن أي اهتزاز في يقينك بهذه الحقائق لا يعني سوى المزيد من التمادي في الخطأ، والمزيد من الضعف والاستسلام.

الحقيقة الأولى: أن (الحب) رغم أنه هو الروح التي تبعث السعادة في حياتنا، وتحيي موت قلوبنا، وتكسر ملل الأعباء والواجبات والضغوط، إلا أنه بمجرد أن يكون خارج إطار الشرع، فإنه يتحول إلى فعل قبيح، ويصبح بطله الأول هو الشيطان الذي يستخدم سلاحيه الخبيثين: (تزيين) المعصية و(تسويف) التوب، وهذه هي الحقيقة الأولى، وهي أن هذه العلاقة هي فعل شيطاني، وأن كل شيء جميل فيها هو من تزيين الشيطان (حتى ولو كان هذا الشاب يعينك على طاعة) وأن كل تسويف وتأخير في قطعها والتوقف عنها هو أيضًا بوسوسة من الشيطان الذي وجد فيك تلميذة مجتهدة تتبع (خطواته)، بدأب وتفاني شديد.

الحقيقة الثانية: أن علاقتك بهذا الشاب (مستحيل) أن تأخذ في المستقبل أي مسار نظيف، وأن استمرارها بأي شكل من الأشكال ـ حتى لو كان هذا بحجة الاطمئنان عليه، أو بدافع الشفقة، أو الشعور بالذنب تجاهه ـ أي استمرار لن يؤدي إلا للمزيد من الدنس والخطيئة؛ لأن النفس ضعيفة وغير مرتوية، ولا يمكن أن تضعي على شفتيك كوب الماء البارد في يوم شديد الحرارة، ثم توهمي نفسك بأنك لن تشربي، وإنما يجب أن تبعدي الكوب تمامًا عنك حتى لا تتورطي في المزيد من السقطات.

كما أن (زواجك) منه أيضًا مستحيل؛ لأنك متزوجة؛ لأنك اختبرت زوجك (كزوج، وكأب لأولادك) عدة سنوات طويلة فنجح، وليس من العقل أن تطلبي الطلاق لتتزوجي شخصًا آخر قد جربتيه (كعشيق)، ولم تجربيه كزوج، بالإضافة إلى أن هذا الشاب إذا عرف أنك كنت تخدعيه طوال هذه الفترة، فإنه لن يقبل أن يتزوجك؛ لأنه لن يستأمن (خائنة) على بيته وشرفه، وحتى إذا وافق فإن أهله لن يوافقوا، ولو تجاوزتم كل هذه العقبات فإنه سيفيق بعد فترة ليتفجر بداخله بركان الاحتقار تجاهك، هذا البركان الذي كان مختبئًا في سكرة الحب والهوى.

الحقيقة الثانية إذن هي أنه من المستحيل أن تأخذ هذه العلاقة أي مسار نظيف، وبالتالي لا يوجد سوى اختيار واحد وهو: التوقف عنها فورًا وللأبد وبلا عودة أو مسامير جحا.

هاتان هما الحقيقتان: هذه العلاقة شيطانية، لا يوجد اختيار آخر سوى قطعها نهائيًا؛ لأن كل تطوراتها غير نظيفة.. والآن ما العمل؟

الخطوة الأولى: التوبة.. الآن وفورًا.. وأهم ما في التوبة يا عزيزتي هو (الندم) على ما فات.

لا مانع أننا أثناء توبتنا نتذلل إلى الله تعالى، بالدوافع التي دفعتنا للخطأ، ولكن نعلن له سبحانه ولأنفسنا أن هذه الدوافع لا تبرئنا من الإثم، نعلن اعتذارنا وأملنا في أن يسامحنا ويتجاوز عن سيئاتنا ويعاملنا بعفوه، وفضله، وستره.
تقفين أمام الله تعالى، وتعلنين استعدادك لتحمل آلام الفراق والحنين في الشهور المقبلة، وأن هذه الآلام هي (الكفارة) التي تكفرين بها عن لحظات السعادة المحرمة التي خُنت فيها زوجك وأولادك ونفسك وربك.

تتوجهين إلى الله بالدعاء أنه ـ سبحانه ـ في مقابل هذه الشهور القاسية التي ستمرين بها، أنه سبحانه يبدل سيئاتك حسنات، كما وعد عباده التوابين الصادقين.
الخطوة الثانية: أن تقطعي كل سبل التواصل معه، مثل تغيير الإيميل، أو التليفون، وعدم الاتصال بأي شخص يعرفه، وعدم التلصص على أخباره بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأن تعتبري هذا الجزء من حياتك (ماضٍ) قد انتهى، وترك بعض الألم والتجارب والدروس، كما ترك أيضًا كثير من ثواب التوبة، والرجوع إلى الله، والنجاح في الامتحان العصيب والابتلاء القاسي، واختيار الفضيلة ـ رغم أشواكها ـ وهجر الرذيلة رغم لذتها.

الخطوة الثالثة: ستمرين كثيرًا بلحظات (لهفة) حيث ستشعرين أنك غير قادرة على حرمان نفسك من الحبيب، كما ستمرين بلحظات (اكتئاب)، حيث ستشعرين أنك كارهة لزوجك، وأبنائك، وحياتك، وستمرين أيضًا بلحظات غضب وألم وعطش.

ولذلك عليك أن تضعي أمام عينيك مجموعة من الوسائل المتنوعة التي تساعدك على تجاوز هذه اللحظات مثل: الدعاء ـ الاستغفار ـ ممارسة نشاط ممتع ـ الاتصال بصديقة ـ النشاط مع صحبة خير ـ تطلبي من نفسك أن يمر "اليوم" فقط دون خطأ، وعندما يأتي (غدًا)، تطلبين من نفسك أن يمر هو أيضًا دون خطأ، وهكذا حتى تمر الشهور المقبلة كلها دون خطأ.
جددي حياتك مع زوجك، وإن كان هذا التجديد لن يعطيك نفس اللذة، ولكنه سيحسن الوضع كثيرًا.

استمتعي بحضن أبنائك، شُمي رائحة عرقهم، انظري لعيونهم اللامعة التي تناديك وتحتاجك.

وأخيرًا.. امتلئ فخرًا بنفسك بسبب قوتك ومقاومتك، واستمرارك في مجاهدة نفسك، واختيارك للجنة المحفوفة بالمكاره، والأشواك.
أدعو الله تعالى أن يهبك القوة، والعزيمة، والصدق.

0 التعليقات

إرسال تعليق