| 0 التعليقات ]


السلام عليكم..

أرجو منكم الإجابة على استشارتي بأسرع وقت، فأنا في حيرة من أمري، ويكاد التفكير يقتلني منذ فترة.

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما، والحمد لله خلوقة ومؤدبة، وأصلي ومتعلمة، وعلى قدر جيد من الجمال، وأرغب في الزواج والاستقرار وتكوين عائلة مثل باقي الفتيات، لكن إلى الآن لم يحدث النصيب.
تقدم لي شاب قبل أسبوع ووجدت فيه عددا من الصفات التي أرغب فيها، ولكن في نفس الوقت فيه شيء لا أعرف كيف سأغض النظر عنه، وهو أنه لم يكمل تعليمه، والآن أنا أحاول إقناع نفسي به ولا أدري ما العمل؟! سأكتب لكم ما الذي أعجبني فيه وما الذي لم يعجبني.
إيجابيات الشاب:
أكبر مني بسنة ونصف، فأنا لا أحب فرق العمر الكبير، ارتحت له هو وعائلته، وضعه المادي جيد جيدا، حيث إنه يعمل في تجارة السيارات، فهو شريك مع والده في أحد المعارض، وأنا أجد وضعه المادي ميزة؛ لأنه لا رغبة لي في العمل بعد إنجاب الأولاد، وهو يشجعني على الحجاب، حيث إن عندي رغبة في ارتدائه، ولكني محتاجة إلى تشجيع، ووجدت عنده هذا التشجيع، ومبدئيا يبدو الشاب مؤدبا ومريحا، يرغب في الطريقة التقليدية بالزواج، ولقد احترمت هذا الشيء، بالإضافة إلى أنني من أشد مؤيدي الطريقة التقليدية.
سلبياته:
مستواه التعليمي، فهو لم يكمل الثانوية العامة، ولا رغبة عنده في إكمال تعليمه، ويسكن مع عائلته في عمارة واحدة، وأخاف أن لا أشعر باستقلاليتي مع أنه سيكون لي شقتي المستقلة، وأيضا طوله لا يعجبني كثيرا، حيث إنه أقصر مني بقليل، ولكني أدرك أن هذه أمور ثانوية، وهو هادئ بعض الشيء، فهو ليس من النوع المتكلم، وأنا أحب الإنسان المتحدث، ويقطع في صلاته، ولا أدري إلى أي درجة، ولكنه أخبرني أنه أحيانا ينشغل في العمل فيفوته وقت الصلاة.
أرجو منكم إجابتي سريعا لأنه ينتظر جوابي، ولقد تأخرت عليه بالرد لأني محتارة، ولم أستطع اتخاذ قرار.
أخاف إن رفضته أن يتأخر بي العمر وأنا عزباء، أو أن يأتيني شخص لا أشعر بالراحة معه، أو أن يكون كبيرا بالعمر، أو أن لا يكون وضعه المادي جيدا وأضطر إلى العمل.
أتمنى أن أجد عندكم الراحة من الحيرة والقلق الذي أعاني منه.

حين نقول إن التكافؤ العلمي شرط من شروط الاختيار؛ لا نعني بذلك أنه شرط جازم وحاسم بين كل اثنين يرغب أحدهما في الارتباط بالآخر؛ لأن هناك شروطا أخرى وجودها "قد" يجبر غياب أحد تلك الشروط.

ولا نعني بالتكافؤ الثقافي التكافؤ التعليمي، فقد يحمل الشخص درجة علمية جوفاء؛ لأنه حصل عليها فقط لتمتعه بقدرة حفظ دروسه وقدرة استرجاعها جيدا وقت الامتحان، أو لأنه يستوعب نظريا، ولكنه في الحقيقة لم ينقل علم الكتب التي يحفظها عن ظهر قلب قيد أُنملة لعلاقاته وتصرفاته وقراراته في حياته.
فقد نرى أستاذا جامعيا مفوها وأكاديميا رائعا يتنقل بين أسفاره ومؤتمراته، ولكنه أب فاشل أو زوج غير مسئول، فهؤلاء يحملون العلم ويجهلون تطبيقه، فهم أميون مقنعون، فالقصة إذن قصة "رأسه".. كيف يفكر؟ وكيف يثقف نفسه؟ وما هي آراؤه؟ وكيف يتعهد نفسه في الحياة ليجبر هذا الأمر؟ وما هي خططه لتعليم أبنائه ورأيه في تعليمهم؟
فاستعجالك على الرد لا ينبغي أن يكون استعجال موافقة بقدر استعجال للاستكشاف، فكل ما عليك هو أن تبدي موافقة مبدئية بأن يتم تعارف بينكما قبل الموافقة على فكرة الارتباط؛ على أن تركزي في استكشاف طريقة تفكيره وآرائه، فقد تجدينه وقد اكتفى بكونه شخصا ناجحا في الحياة وكسب المال، ولكنه يؤمن تماما بأهمية الدراسة وسيسعى لتشجيع أولاده وتحفيزهم على ذلك، وسيبذل كل الجهد له، فلا ضير إذن ما دمت اطمأننت لطريقة تفكيره وثقافته العامة.
وقد تكتشفين أنه تحول لتاجر لا يعرف إلا لغة التجارة والمال، ولا يشغل باله العلم ولا التعلم ولا الثقافة، ولا يضع هذه المساحة في اهتماماته، ولن تكون نقطة جوهرية مع أولاده، وهنا ستكون الأزمة، فلا تكملي معه المشوار حتى ولو كان مليونيرا، أما باقي ما يقلقك فهو في الحقيقة ليس بالشيء العظيم ما دمت كما اتفقنا قد اطمأننت لتفكيره وشخصيته وروحه ودرجة تدينه.
فوجودك بين أفراد العائلة مع زوج مستقل ولكنه ودود في نفس الوقت أتصوره ميزة وليس عيبا؛ ولكن إن كان ممن سيلزمك بالتواجد مع عائلته والانخراط فيها لدرجة ضياع الحدود وتدخل الأفراد في قراراتكم أو شئونكم الخاصة فهذا عيب يأتي من ورائه مشكلات لا حصر لها، فلا تغفليه لتصرخي بعد ذلك.
وكذلك سقوط بعض الفرائض منه أثناء العمل يمكن تداركه بتشجيعك أنت له ورؤيته الدائمة لك بالمواظبة على الفرائض وقربه من الله سبحانه؛ فها أنت غير محجبة ولكنك تصلين، ولم يمنعه ذلك من قرار الزواج منك، ولم يجعلنا هذا نحكم عليك بشكل سطحي كمتبرجة، فالعلاقة بين البشر والله عز وجل سبحانه أعمق وأدق من الحكم على شخص بشكل حاد حين يقع منه بين الحين والحين أمر من أوامر الله سبحانه، حتى لو كان معلوم الوجوب.
فلنظن به الخير مادام يصلي ويحافظ على صلاته وترجى مداومته عليها، كأني أريد أن أقول "كلمة السر" في اكتشافه والاطمئنان على نفسك معه، وليس في تعليمه.
لا أحد يجري وراءك بالعصا لتقرري الآن مناسبته لك أم لا، ولكن خذي فرصة حقيقية وأنت في حالة الحياد العاطفي تجاهه لتري وتكتشفي شخصيته وطريقة تفكيره؛ لتضعي النقاط فوق الحروف فيتضح مناسبته أو عدم مناسبته لك عن يقين.

0 التعليقات

إرسال تعليق