| 0 التعليقات ]

بسم الله الرحمن الرحيم. تحيَّةً طيِّبةً مباركة، أمَّا بعد؛ فأنا فتاةٌ في الخامسة والعشرين من عمري، أمارس العمل الدعوي منذ حوالي خمس سنواتٍ تقريبًا، إلا أنَّ المشكلة الرئيسية التي تبرز لي حاليّا هي أنَّ الفتيات اللواتي أدعوهنَّ قد أصبحن في سنِّ المراهقة، وقد بدأن يظهرن اهتمامات واضحةً بالموضة والأغاني. إلا أنَّني لم أتصوَّر أبدًا أنَّ إحدى هذي الفتيات البريئات لها من الجرأة ما يدفعها لأن تُحَدِّث الشبَّان، بل وأن تخرج معهم، وقد علمت بذلك مؤخَّرًا، وكان كالصاعقة بالنسبة لي، فأنا لم أتصوَّر بأنَّ فتاةً في الثالثة عشرة من عمرها تقوم بذلك، وبخاصَّةٍ أنَّني عندما كنت في مثل سنِّها - بل وأكبر منها - لم يكن يخطر ببالي مطلقًا ذلك. وقد واجهتها وتحدثت معها حديث الأخت الناصحة، وقلبي يمتلئ حبّا لها وإشفاقًا عليها، مع العلم بأنَّ علاقتي معها طيِّبةٌ، ووعدتني بأنَّها لن تعيد الكَرَّة، ووعدتها بأنَّ ثقتي بها ونظرتي إليها لن تتغيَّر، وأنَّ الإنسان بطبعه خطَّاءٌ، وخير الخطائين التوابون. ولا أدري أهي صادقة أم ماذا ؟؟ مع العلم بأنَّها ملتزمةٌ وتصلي وتحفظ القرآن ومحجَّبةٌ ومن أسرةٍ صالحة، وقد بدأت معرفتي بها على الأقل منذ خمس سنوات. لا أدري كيف سأتصرَّف معها، والمشكلة أنَّ هذا الأمر بدأ يظهر مع غيرها، مع فتياتٍ أكبر ومن بيئاتٍ مختلفة – حوالي ثلاث أخريات – فبدأت أتحدَّث معهن حول أصول التعامل، وعلاقات النساء بالرجال، والضوابط التي شرعها الإسلام، إلا أنّني أحسُّ بأنَّ صوتي يذهب أدراج الرياح، لا يؤثِّر فيهنَّ، وكأنَّني أقاوم سيلاً بيديَّ العاريتين. والحقُّ يقال: أظنُّ بأنَّ هذا الأمر امتحانٌ من الله، وبخاصَّة أنَّني أصبحت أحسُّ ومن وقتٍ قريبٍ بأنِّي بدأت أفكِّر بالزواج كثيرًا بعد أن أنهيت دراستي، وأتمنَّى أن يهبني الله زوجًا صالحًا، وبخاصَّةٍ أنَّني أعمل في مجالٍ فيه اختلاط، وأتحدَّث مع أشخاصٍ كُثرٍ في مجال العمل، وأنا أحاول أقصى جهدي أن ألتزم الأدب والحشمة . فأنا الآن أحسُّ بأنِّي أعاني مشكلاتهن، أبحث عن الاستقرار، وأحس بما يحسُّونه من ميلٍ فطريٍّ أودعه الله في نفوسنا. فكيف أعظهنَّ وأنهاهنَّ وأنا يخامر قلبي من المشاعر مثلهن؟‍‍‍‍‍‍ كيف لو كُشِفَ ما يعتلج في قلبي؟ كيف سيحترمنني؟. بل أظنهنَّ سيسخرن منِّي، ويقلن: أنت مثلنا، فكفي عن هذا الحديث !!! كيف سأصف الدواء وأمسك بأيديهنَّ نحو الطريق السليم، وأنا أحسُّ بأنَّ بذور مرضهنَّ تغزو قلبي ؟.
تقول الدكتورة ليلى أحمد، رئيسة تحرير مركز الراية للتنمية الفكرية، دمشق - جدة: الأخت الكريمة، أشكرك على أنَّك فتحتِ لنا قلبك، وأشركتِنا بهمّك، وصارحتِنا بما يعتلج في نفسك، ولكنَّني في نفس الوقت أعتب عليك هذا الشعور بالذنب تجاه نفسك أوَّلاً وتجاه غيرك ثانيًا. فأين المشكلة إذا كنت تشعرين بالميل الفطري للاستقرار مع شريك حياتك؟ ولماذا تعتبرين فطرة الله سبحانه في ميل الذكر للأنثى أو ميل الأنثى للذكر مرضًا يستحق دواء؟. المرض هو عندما لا تشعرين بهذه الفطرة التي أودعها الله فينا ليتمَّ إعمار الكون بالنسل، لأنَّ الأسرة هي خليَّة المجتمع الأولى، وكذلك لنلبِّي حاجاتنا الفطريَّة، والتي هي في الحقيقة نعمةٌ تجعلنا نشعر بمدى فضل الله علينا إذ خلقنا مسلمين، فرفعنا بإسلامنا وديننا العظيم من مستوى البهائم والحيوانات إلى درجةٍ عليا في سُلَّم الإنسانيَّة، هذه الدرجة التي لا يشعر بها المرء إلا عندما يجد نفسه في نفسٍ أخرى، يرتبط معها بعلاقةٍ حلالٍ، فيبثُّها أشواقه ومعاناة روحه، وينصهر معها ليؤلِّفا كُلاً واحدًا في إطار الزواج المقدَّس، حيث السكينة والمودَّة والرحمة، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودَّةً ورحمةً إنَّ في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكَّرون). فانظري يا أختي العزيزة، ما أشدَّ جهلنا، وما أفقر عقولنا، إذ حوَّلنا العلاقة الزوجيَّة - التي تتميَّز عن أيَّة علاقةٍ أخرى بأنَّها ترابط روحين يتصلان مع بعضهما عبر جسور الجسد - من آيةٍ من آيات الله، يجدر التفكُّر بها، إلى شيءٍ أثيمٍ، من المعيب أن نفكر بالوصول إليه!. وهنا أشكرك على إتاحة الفرصة لي - كما أشكر من وجَّه إليَّ هذا السؤال - لأنبِّه الأخوات الداعيات إلى هذا الخطأ الذي يقعن به، إذ يتجاهلن هذه الفطرة في الفتيات المدعوَّات، ويتجاوزنها بل وينكرنها، بدلاً من أن يحاورنهنَّ فيها وفي سبب وجودها فينا، وإلى الآن لا زلت أذكر تلك الداعية التي طلبت منِّي عندما كنَّا نتدارس كتابًا في السيرة المطهَّرة أن أشرح فقرةً أمام زميلاتي عن زواج الرسول عليه الصلاة والسلام، وكانت فتاةً لم تتزوَّج بعد، وكان عمري في عمر فتياتك، فانطلقت أشرح ما كتب الكاتب أنَّ هذا الأمر فطرةٌ وغريزةٌ، فإذا بملامح الاستنكار ترتسم على وجهها، وإذا بزميلاتي يشعرن بحرجها، فيطلبن منِّي بنظرات عيونهنَّ أن أتجاوز هذا الأمر فتجاوزته، لكن هذا الإنكار أدَّى بي إلى أنَّني تجاوزت تلك المجموعة كاملةً؛ لأنَّ ديننا لم يترك شيئًا إلا وعالجه، ولا ثغرةً إلا وسدَّها: (وأنزلنا عليك القرآن تبيانًا لكلِّ شيء). والإسلام ليس إلا الثوب السابغ للفطرة الإنسانيَّة، فهو كما يعترف بأشواق الروح لا ينكر متطلَّبات الجسد. ولذلك أرى أن أنبِّهك إلى عبارتك: "وقع الأمر كالصاعقة عليَّ"، فمع إدراكي لقسوة الأمر عليك؛ لكنَّني أذكِّرك أنَّك تتعاملين مع بشرٍ يخطئ أكثر ممَّا يصيب، خاصَّةً بحكم السنِّ الصغير وقلَّة الخبرة والتجربة. كما أذكِّرك أنَّ المقارنات أسوأ ما يمكن أن يقع فيه المرء، فإيَّاك أن تقارني بينك وبين إحداهن، فظروف النشأة لابدَّ مختلفة، كما أنه لا يغيب عنك أنَّنا في زمنٍ أصبح الطفل الصغير يعلم ما لم يكن الكهل الكبير يعلمه منذ عشرين سنة، وذلك بفضل وسائل الاتصالات الحديثة من إنترنت وفضائيات وغيره. ويجب أن تدركي أنَّ القيم الأخلاقيَّة في مجتمعاتنا تضمحل أمام الغزو الثقافي لأفكار الغرب وحضارته، لذلك فلستِ وحدك من يقاوم السيل بيديه العاريتين، بل كلُّ المصلحين والدعاة المخلصين والمفكِّرين لديهم نفس معاناتك، وقديمًا قيل: متى يبلغ البنيان يومًا تمامه ……. إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم الحل الوحيد هو أن تتزودي بالمعرفة والعلم والثقافة، أنصحك أن تقوّي الجانب المعرفي في موضوع الجنس، ولعلمي بقلَّة الكتب التي تبحث هذا الأمر بشكلٍ موضوعيٍّ علميٍّ إسلاميٍّ، بدأت بوضع كتاب "ألف باء الحب والجنس" ضمن سلسلة "ما لا نعلمه لأولادنا". ولكن ريثما يصدر، أرجو أن تبحثي معهنَّ الأمر على أنَّه شيءٌ طبيعيٌّ، دون أن يكون هذا الشرح مُخِلا بفضيلة الحياء، فأنت ولا شكَّ تعرفين أنَّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام في أدقِّ أمورهم، وكمثال على ذلك أنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام طاف على نسائه في يومٍ واحدٍ، وكان يغتسل عند هذه وعند هذه، فقال له أحد الصحابة: يا رسول الله لو جعلته غسلاً واحدًا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (ذلك أزكى وأطيب وأطهر) رواه أبو داود بسندٍ حسن، ولم يقل له: هذا عيبٌ أو فضول. وقد وصفت السيدة عائشة رضي الله عنها نساء الأنصار فقالت: (نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهنَّ الحياء أن يتفقَّهن في الدين) رواه البخاري. وأمَّا بالنسبة لموضوع الحب لديهنّ، فهنا أقول لك: لا يمكن لهذه العاطفة القويَّة التي هي الحبّ أن تفنى من الروح؛ لأنَّ من أهمِّ الدوافع التي تتحكَّم في حياتنا هي أن نكون موضع حبّ، لكن يمكننا التسامي بها والانشغال عنها بحبّ ما هو أسمى، فيجب أن تبدئي بتوجيه طاقات المحبَّة فيهنَّ إلى محبَّة الله ورسوله، وهنا أذكِّرك أنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، فيجب أن تزيدي ينابيع المحبَّة هذه في قلبك وروحك، وهذا يحتاج إلى خلواتٍ مع الله سبحانه لابدَّ منها لكلِّ من يريد أن يدعو إلى الله على بصيرة، وهنا أقتبس هذه الكلمات من كتاب "الاعتكاف عودةٌ إلى الذات" للطبيب النفسي أنطوني ستور، كي تكون عونًا لك: "لقد أدرك الزعماء الدينيون العظماء أنَّ الاعتكاف يوفر البصيرة وأيضا التغيير، وقد دأبوا على اعتزال الدنيا قبل أن يعودوا للمساهمة فيما أوحي به إليهم .. وكذا فإنَّ النبيَّ محمَّدًا صلى الله عليه وسلم كان يعتزل الناس خلال شهر رمضان من كلِّ عامٍ ويعتكف في غار حراء". إذن أنصحك باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، وإظهار فقرك أمامه، وكما يقول ابن عطاء السكندري رحمه الله: "خير أوقاتك وقتٌ تشهد فيه وجود فاقتك". وصدقيني ليس ثمَّة شيء مريح ومنتج كما هو الفقر بين يدي الله سبحانه، فاطلبي منه أن يرزقك زوجًا صالحًا، وهذا من دعاء عباد الرحمن: (ربَّنا هب لنا من أزواجنا وذريَّاتنا قرَّة أعينٍ واجعلنا للمتقين إمامًا)، وادعي بهذا الدعاء: (اللهم ما رزقتني ممَّا أحبّ فاجعله قوَّةً لي فيما تحبّ، وما زويت عنِّي ممَّا أحبّ فاجعله فراغًا لي فيما تحبّ) رواه الترمذي، وقال: حسن غريب. وأذكرك أنَّه ليس حرامًا أن تعرض المرأة نفسها على الرجل الصالح، فإذا وجدتِ شخصًا ترضين خلقه ودينه، وكنت واثقةً من صلاحه وتقواه، فلا عليك أن ترسلي أحدًا يجسّ نبضه ويعرف فيما إذا كان متهيِّئًا للزواج، ولكن يجب أن تتساهلي فلا تغرقي كاهله بالطلبات كما تفعل بعض الفتيات هذه الأيام، وكي لا تشعري أنَّني أفتئت شيئًا من عندي، فأذكر لك هذه الحادثة من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، كما وردت في كتاب "تحرير المرأة في عصر الرسالة" للأستاذ عبد الحليم أبو شقة: عن سهل بن سعد، أنَّ امرأة جاءت إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فقالت: يا رسول الله جئت لأهب لك نفسي، فنظر إليها رسول الله عليه الصلاة والسلام، فصعَّد النظر إليها وصوّبه ثمّ طأطأ رأسه. رواه البخاري. وعن أنس: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام تعرض عليه نفسها، فقالت بنت أنس: ما أقلَّ حياءها‍‍!! قال: هي خيرٌ منك، رغبت في النبي عليه الصلاة والسلام فعرضت عليه نفسها، وأورد البخاري هذا الحديث تحت باب "عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح". وتأملي كيف أنكرت بنت أنس هذا الموقف من المرأة، سواء من ناحية عرض نفسها، ومن ناحية كون العرض أمام الناس، بينما لم يرَ أنس – وهو الذي تربَّى على يد النبي عليه الصلاة والسلام، وعاش سمت المجتمع النبوي الذي تنطلق فيه المرأة في جميع المجالات ولمختلف المصالح - لم ير في كلا الأمرين ما يُستحيا منه. انتهي كلام الأستاذ أبو شقة رحمه الله. وأعتقد أنَّك في حال زواجك، ستكونين أقدر على تفهُّم حاجات فتياتك، وسيقلُّ حرجك في مناقشة هذه الأمور معهنّ. وفقك الله إلى ما فيه خيرك وخير المسلمين، ولا تنسينا من دعائك الصالح. ويضيف الأستاذ كمال المصري، مستشار قسم الدعوة بالموقع: لتسمح لي أختي الفاضلة - الدكتورة ليلى - أن أضيف بعض الكلمات على ما تفضلت به من قولٍ طيبٍ، وفهمٍ عميقٍ ودقيقٍ، أوضحت خلاله أن ميل كل جنسٍ للجنس الآخر هو ميلٌ فطريٌّ خلقه الله تعالى فينا، وإنكاره يجعلنا ندور في دائرةٍ مفرغةٍ لن نصل منها لشيءٍ، ولن يكون سعينا إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه. هذا من ناحية الميل، أما ما يمكن الحديث عنه والتنبيه إلى خطورته فهو عندما يتحول هذا الميل من مجرد ميلٍ إلى عمل، تمامًا كما فعلت تلك الفتاة التي خرجت مع الشباب، والتي تحدثت عنها الأخت مرسلة السؤال، عند الوصول إلى هذه المرحلة "مرحلة الفعل" ينبغي لنا التوقف والحديث عن كيفية تجنيب تلكم الفتيات مزالق ومخاطر هذا الميل. وفي محاولاتنا لتجنيبهن تلكم المخاطر علينا أن نسلك ثلاثة دروب: الدرب الأول: التربية والتأسيس. الدرب الثاني: التفهيم والضبط. الدرب الثالث: المصارحة والتناصح. الدرب الأول: التربية والتأسيس: لعل أهم سببٍ جعل بعض الفتيات يتفلَّتن حين بلغن سن "المراهقة" هو أنهنَّ تربَّين على أن مجرد التعامل - بل والتفكير - في الجنس الآخر هو منكرٌ وكبيرةٌ من الكبائر، فلما بلغن مرحلة "المراهقة" غدا ميلهن الفطري أكبر من قدرتهن على إلغائه أو تجاهله، فمضين وراء ميلهن ليحولنه من مجرد ميلٍ إلى عملٍ مخالفٍ. ومن وجهة نظري أنهنَّ ما سلكن هذا المسلك، إلا لأنهن تربين من الأساس على خطأ، ولو كانت تربيتهن قد بُنيت منذ الصغر على الاعتراف بهذا المَيْل، مع ترشيده وتقويمه، لما كان وصل بهنَّ الحال إلى ما وصلن إليه من تناقض. في تصوُّري يا أختي الكريمة أنَّ أصل المشكلة ينبع في ما غُرِس في أذهان شبابنا وبناتنا مذ كانوا صغارًا، فنحن تربَّينا ورَبَّينا على أنَّ الطرف الآخر غير موجودٍ في مجتمعنا أو حياتنا، وهذا ما تأصَّل في أذهان الصغار، فلمَّا شبُّوا وكبروا اكتشفوا وجود هذا الطرف الآخر، ثمَّ اضطرُّوا للتعامل معه، بصرف النظر عن سبب أو وسيلة هذا التعامل، عندها فوجئ الطرفان بالأمر، وغدت الأفكار والتفسيرات والأوهام تلعب بالعقول، فحدثت المشكلات، وتكوَّنت الأزمات. أنا لا أدعو إلى نوجِد قسرًا علاقاتٍ بين الجنسين، كلُّ ما أدعو إليه هو أن نُفهِم أبناءنا وبناتنا إلى وجود جنسٍ آخر في مجتمعاتنا، جنسٍ يمكن أن نتعامل معه كما نتعامل مع جنسنا، بنفس سلامة الصدر ونقاء النيَّة، إضافةً إلى بعض الحدود الإضافيَّة والضوابط الشرعيَّة التي تحافظ على سلامة العلاقة، إذا كان هذا الأمر قد فات تلكم الأخوات اللواتي بلغن سن "المراهقة"، فلا يجب أن يفوت المربيات حين يربين من لم يبلُغْنَه بعد.. نصيحةٌ أوجهها لكل مربية. الدرب الثاني: التفهيم والضبط: أما وقد كبرت الفتيات، فلنعد إلى حالتهن، ولتحاولي يا أختي الكريمة أن تستمري في مرحلة التفهيم والضبط، تفهيمهن قدر الاستطاعة حدود وضوابط هذه العلاقة، وما ينبغي عليهن فعله وما لا ينبغي، وأن تحصني نفسك - كما ذكرت الدكتورة ليلى - بالعلم والمعرفة والثقافة، كي تكوني أكثر قدرةً على الإقناع. وأحبذ - من وجهة نظري - لو أعلمتهن أنك لك ميولٌ، وأنك تتمنين الزواج؛ لأن هذا شأن كل البشر، ولكنك تضبطين هذه الميول بضوابط الشرع وحدوده، فلا تتعدينها، إنك لو أعلمتِهنَّ بذلك لأصبحت قادرةً على إقناعهن أكثر وأكثر، ولأحسوا الصدق من كلامك ولتأثروا به، بشرط أن تكوني أنت أولاً صادقة مع نفسك. الدرب الثالث: المصارحة والتناصح: جميلٌ أن تملكي يا أختي ملكة المصارحة، وأن تكون علاقتك بفتياتك سلسةً وقويةً، لدرجة أن تعترف لك إحدى فتياتك بما وقع منها من خطأ، فاستمري في تزويد علاقتك بهن، كي تكون أكثر مصارحةً وعمقًا، وقومي في نفس الوقت بنصيحتهن بهدوءٍ ورزانةٍ دون تعنيفٍ أو لومٍ شديدٍ قد يجعلهن ينفرن منك، أو على الأقل لا يقلن لك ما بداخلهن، فيفعلن ما يردن من وراء ظهرك. وأفضل لو اتخذت مع أسلوب المناصحة والالتزام بأوامر الله تعالى أسلوب "ماذا لو"، فتسألينها: ماذا لو رآها وهي خارجة مع شابٍّ أحدٌ من أهلها أو من معارفها؟؟ كيف سيكون رد فعلها لو عرف أهلها؟ أو لو أصبحت سمعتها سيئةً في حيها ومنطقتها ومدرستها؟ وكيف ستكون في عيون الناس وهي المحجبة الملتزمة التي تصلي وتصوم وتؤدي الفرائض؟؟. إن أسلوب "ماذا لو" هذا قد يكون دافعًا أساسيّا لأي بنت أن تتوقف عن فعل الخطأ، ثم يأتي أسلوب التربية والنصح ليكمل الدور بعد ذلك في تفهيمها وتعليمها وتنبيهها، وإلى ضبط طبيعتها الفطرية، بطريقةٍ لا تخلُّ بهذه الطبيعة، ولا تخالف شرع الله تعالى. أختي السائلة الكريمة، ليس عيبًا أو حرامًا ما تشعرين به من ميلٍ فطريٍّ، طالما هو مجرد ميلٍ لم يعقبه عمل، وإذا أقررنا بهذا الأمر، يصبح عملك وجهدك الأساسي هو في إبقاء أخواتك على الصراط، دون أن ينحرفن بأعمالٍ تخالف أوامر الله تعالى ونواهيه، وذلك عبر التفهيم والضبط والمصارحة والمناصحة، ولتلتفتي إلى من لم يبلغن تلك السن بعد، فتأسسي بنيانك فيهن على تقوى من الله تعالى ورضوان، وعلى قاعدةٍ أصلها ثابت

0 التعليقات

إرسال تعليق