| 0 التعليقات ]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..أنا فتاة مصرية أعيش في حي شعبي، ولكن لا أتمتع بشعبيته؛ لأني في مجتمع مغلق تماما، وفي منزل يجبر البنت على عدم الخروج من المنزل، حتى في وقت الدراسة يصحبني أبي معه، ويأتي ليأخذني إلى البيت، وكل دروسي في منزلنا.
باختصار، عندي 18 عاما، ولا أعرف شيئا عن العالم الخارجي، لدي العديد من المشاكل التي تجبرني على الحيرة، وأهمها أنني في درس من دروس الثانوية العامة أحببت شخصا معي اسمه كريم، ولكن الحب صار في قلوبنا مخفيا عن الآخر لسنة كاملة، وفي السنة الأخيرة صارحني بحبه لي، وأنا أيضا كنت أعشقه.
عشنا أجمل أيام حياتنا، ثم بدأت المشاكل.. كان والدي هو مدرس اللغة العربية الذي يدرس لي وله، وعندما عرف هذا الموضوع طرده من كل الدروس، وأصبح كريم حزينا، لا يعرف ماذا يفعل، وغير قادر على استكمال الدراسة بعد طرده من الدروس.
وقفت بجواره، وشجعته على استكمال المسيرة، واستجاب لرغبتي، وكانت فرصة أن نرى بعض صعبة جدا، وكان يسهلها علينا ويأتي على المقهى "اللي" يكون مكانها أمام منزلنا ليراني وأراه، واشترى لي موبايل حتى نكون قادرين على الكلام والاطمئنان على بعضنا.
كان والدي يرفض كريم تماما أو أن يكون زوجا لي، ولكن أنا لا أكون إلا لكريم، وجاء وقت وبدأ والدي يوافق على كريم، فاتصل بصديقه وهو أيضا عم كريم -أخو والده-، فحضر وقال له "إذا كان كريم جاهز بالشبكة فقط يتقدملي وأنا موافق عليه"، ولكن لسوء الحظ أن والد كريم في مشاكل مستمرة مع عمه، فأراد عمه أن ينتقم من والد كريم، وقال: "كريم لا يملك شيئا، ومايستاهلش بسمة"، مع العلم أنه أكثر الناس الذين كانوا يشجعوننا على استكمال حبنا، ولكن في هذا الوقت تغير 180 درجة.
والذي أحزنني وأحزن كريم أيضا أنه قال إن والد كريم مدمن مخدرات، وفعلا هذا صحيح، فكان كريم لا يخفي عني شيئا، وكان صريحا معي إلى أبعد الحدود، ولكن الشيء الذي سبب لكريم صدمة عصبية أن عمه قال إن والدة كريم أيضا مدمنة مخدرات! وهذا شيء غير صحيح على الإطلاق؛ لأني أعرف والدته تماما، إنسانة محترمة وقريبة من الله ومستحملة والد كريم حتى لا تهدم بيتها على رءوس أولادها، وعندما سمع كريم هذا الكلام أصبح عصبيا بطريقة رهيبة، وكان يود أن يذهب إلى عمه ويقتله لما قال عن والدته، ولكنه كتم في قلبه حتى لا يحدث لي أي مشكلة، ولكني أخاف عليه من الانفجار بسبب هذا الموضوع.
والآن.. أصبح والدي رافضا لكريم بسبب والده مدمن المخدرات، وما قيل عن أمه أيضا، وحتى إذا كان ذلك، فلا ذنب لكريم في هذا، وكريم قال لي جملة وهو يبكى ترن في أذني وتقتلني كل ثانية، وهي: "لو الإنسان بيختار أبوه قبل الولادة كنت اخترت عالم ذرة"، وفعلا كريم "ملهوش أي ذنب في كدة"، ليه المجتمع المصري بيعامل الناس بأخطاء أهلهم؟ أنا الآن أفكر في الهروب معه والجواز، إذا لم يوافق أبي على كريم سيتم هذا.. "وياريت تفيدوني في هذا الموضوع"..
ولكم جزيل الشكر
الأخت العزيزة..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
هذا بلا شك هو أول حب حقيقي يطرق بابك، وكونك في سن صغيرة -لن أقول إنها سن المراهقة-، وتعانين من الحبس في مجتمع مغلق كما تقولين، فأنت تتصورين أن هذا الشباب هو طريق الخلاص لك، والفارس والمنقذ الذي سوف يخرجك مما أنت فيه، وبدونه لن تكون لك قائمة.
وأنا أحترم حبكما لبعضكما كثيرًا، وأعلم مدى المعاناة التي يلاقيها كل منكما في هذه الحياة، وفي الامتحانات التي يصعب التفكير والإجادة فيها في ظل هذه الضغوط العصبية الهائلة، ولكن دعينا نفكر في هدوء.
من ناحية المبدأ، بلا شك لا يجب أن نحمل كريم وزر أن أباه مدمن مخدرات، فالقرآن صريح في قوله: "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، أي أنه لا يجب على كريم أن يتحمل وزر –عبء– أن أباه شخص غير سوي، ولكن والدك -بلا شك- يخشى على ابنته من مستقبل مظلم في ظل أسرة بها مدن أو تاجر مخدرات، أبسطها لأن الأب لن يقف بجانب ابنه أو يساعده في الزواج، وسيكون سببا في تعاسته وعدم تشريفه أمام أهل العروس، وأقساها –وهو ما يحدث– أن هذا الأب المدمن قد يحول حياتكما إلى جحيم، تارة بالسلف من الابن عندما يعمل، وتارة بالتعدي عليه وتحويل زواجكما إلى جحيم، فالإدمان مرض يؤدي بصاحبه إلى التهلكة في النهاية، وهذا ما يدركه أبوك، وسر رفضه.
والآن لنأت للواقع.. فأنتما في مرحلة الثانوية العامة، أي أنه لا يزال أمام هذا الزوج المنتظر ما لا يقل عن خمسة أعوام -وربما أكثر- كي يصبح "رجل أسرة"، ويتمكن من العمل والإنفاق على الأسرة، وربما لهذا وافق أبوك على الشبكة منه فقط؛ كي يريح قلبك وتتفرغي للدراسة، ويترك الأمر للزمن، ثم تراجع عندما علم أن أباه مدمن، -سواء كان هذا بوشاية من عمه الذي يكرهه أو لا- فهي حقيقة في النهاية.
والمشكلة التي لا تدركينها يا ابنتي هي أنك في فورة المطالبة بالزواج من هذا الشباب الطيب، تنسين تماما أن الحياة وتشييد أسرة لا ينبني بالحب وحده، وإنما بالعمل والقدرة على الكسب، ولو فرضنا أن أباك وافق على زواجك منه الآن، أو بعد عامين مثلا، فمن أين سينفق عليك وعلى أبنائك مستقبلا؟
أفهم أن هذا يحدث في بعض الأسر التي تستضيف الزوجة لديها وتنفق على الزوج والزوجة، وتوفر لهم مسكنا مثلا لفترة، لحين أن يقف الزوج على قدميه، ولكن مشكلة كريم أن أسرته -أو رب الأسرة- وهو الأب، مدمن.. والإدمان -كي لا تنسي- يعني الفلس والديون، والأخلاق السيئة، وربما العدوانية.
الحل بالتالي لن يكون في الهرب معه، إذ ستظل المشكلة هي أين تسكنان بعد ذلك؟ ومن أين تنفقان؟ ولو اعتمدتما على مدخرات أو سلف من الأصدقاء، فلن يستمر هذا سوى لفترة قصيرة للغاية، وسينتهي الأمر لمشاكل بينكما وصدام، وربما لا تخرجين من التجربة كلها سوى بطفل على يديك، وأنت في بداية حياتك، وينتهي هذا الحب ويتكسر على صخرة قسوة الحياة، وصعوبة العيش بلا نفقات أو عمل، أو حتى مستقبل؛ لأن "كريم" بلا شك سوف يتدهور مستواه الدراسي بسبب هذا الصراع داخله.
رأيي أن تستسلموا -مؤقتا- للأمر الواقع، وأن تشجعي "كريم" على الاجتهاد في دراسته، وأن يتفوق فيها، وأن يعمل في فترة الصيف كي يدخر أي مبالغ لك ربما تبكر زواجكما، عندما يقتنع الأب أنه يفعل هذا لك ويستحق أن يكون زوجا لك، أما الحل الآخر -الهروب- سيعني تدمير حياتكما معا.
اصبري.. فلو كان هو مَن اختاره الله زوجًا لك، فلن يمنعه عنك أبوه أو أبوك، ولو لم يكن هو، فلا كنوز الدنيا، ولا الهرب سيجمع بينكما، وسيكون لك زوجٌٌ قدره الله لك يسعدك دوما

0 التعليقات

إرسال تعليق