| 0 التعليقات ]

د. هبة قطب
أستاذة الصحة الجنسية والاستشارات الزوجية
السلام عليكم..
أنا باشكرك يا د.هبة جدا وجزاك الله خيرا عن المعلومات القيمة التي تحاولين توصيلها إلى أحبائك.. وعندي سؤال ربما يكون متكررا ولكن أرجو الإفادة:
أنا مخطوبة وعندي 26 سنة وهذه هي أول علاقة بالجنس الآخر أدخل فيها.. وأنا للأسف مختتنة، وسؤالي هو أنني بالرغم من حبي لخطيبي ولكني لا أشعر بالأشياء التي تتحدث عنها صديقاتي.. فهل أنا باردة بسبب الختان؟
وللأسف الشديد هو أيضا يلاحظ ذلك ويقول لي دائما أنني باردة.. وأنا لا أعرف ماذا أفعل وخاصة أن زواجي قد اقترب.. آسفة على الإطالة وأرجو الإفادة
..
عزيزتي وصديقتي..
أعجبني واستوقفني أنك وصفت متلقّي علمي ونصائحي بـ"أحبائك" حيث إنني أدركت أن ما يخرج من القلب يصل دون جهد إلى القلب، وأن حرصي على قرائي "الأحباء" يصل إليهم كما أردته أن يصل بالفعل... أما عن سؤالك الذي ربما يكون متكررا فهو أيضا محل ترحاب كبير وهذه دعوة صريحة لمن يعاني أو يصارع مشكلة له أن يرسلها إذا كان يعتقد أن تفاصيلها مختلفة وأن رؤيته لها ربما تكون غير مسبوقة في مشكلة سابقة مشابهة.
أولا
إن عمرك 26 سنة هو عمر مناسب جدا للارتباط بالزواج حيث تخرجت ومن المفترض أنك دخلت إلى معترك العمل لفترة قد أكسبتك خبرة في التعامل مع الناس، ومن حسن خُلقك وحسن حظ خطيبك أن علاقتك به هي الأولى من نوعها في حياتك.
ثانياً
إن الختان الذي تعرضتِ له يا عزيزتي لا يعدو أن يكون شيئاً جسدياً موضعياً يقع تحت طائلة استئصال جزء بارز من الجسم وليس من العقل ولا من المشاعر التي هي مسئولة عن الاستجابة لخطيبك بالشكل الذي تتصورينه.. ولكن هنا لي وقفة.. من الواضح أن خطيبك هذا مازال خطيبك فقط، أي أنكما لم يُعقد قرانكما بعد، فكيف لك وله أن تسعوا لمسألة الاستجابة الشعورية الحسية الجنسية؟ إنه لايزال غريباً عنك شرعاً، ولا يجب أن تتطرق الأمور بينكما لأعمق من تبادل الآراء والتعرف على الطباع والأخلاق في لقاءاتكما، أما المسألة الأخرى فهذا ليس وقتها بعد..
ثالثاً
اعلمي جيداً أن الفتيات ذوات الصون والعفاف أمثالك يا صديقتي العزيزة تكون ضمائرهن حية من أكثر من جهة، من الجهة الدينية في المقام الأول بالطبع، ومن الجهة الأخلاقية حيث يكون بداخلهن استنكار لخيانة ثقة الأهل فيهن، فيكمن ذلك في عقولهن الباطنة وينعكس رفض العقل الباطن لهذا السلوك آنذاك على النفور من التجاوز للخطوط الحمراء وعدم التجاوب مع ما يؤدي لذلك.. هذا هو ما يحدث في الكواليس ويسبب شعورك وشعور خطيبك بهذا البرود "المزعوم".
رابعاً
لا يوجد يا عزيزتي ما يسمى بالبرود الجنسي، لا بسبب الختان ولا بسبب أي شيء آخر، إذا وجد برود لدى الزوجة أو لدى الزوج، فهو يكون في صورة تراجع عن الرغبة الجنسية تارة، فلا يستطيع أحدهما أن يبادر الآخر برغبته فيه، أو أن يستجيب لمبادرة الآخر في التقرب إليه، أو تراجع في حرارة العاطفة تارة أخرى.وهذا النوع الأخطر، فهو يقضي على أي شكل من أشكال الاستجابة النفسية أو الجسدية أو الجنسية سواء من ناحية الرجل لزوجته أو العكس..إذن يا ست العرايس، فإن البرود ليس شيئاً نسائياً، ولا خاصا بالنساء دون الرجال، ولكنه شيء إنساني خاص بالرجل والمرأة على حد سواء؛ فلا تلصقي بنفسك شيئاً وهمياً، ولا تقبلي بأن يلصقه بك أحد عن عدم علم وإلمام بالأمر، إنما تصوري أن الرابط النفسي بداخلك بين الختان والبرود الجنسي هو المتحكم في عقلك الباطن بجانب الشعور الخفي بالذنب كما أسلفت.
خامساً
إن الموضوع ذو أبعاد أخرى ربما تكون غائبة عنك وهي أبعاد علمية ونظرية تتلخص في أن مهارات التجاوب الجنسي عند المرأة هي مهارات مكتسبة وليست مهارات تلقائية كشأن الرجل، ولذلك فإن الفتاة العفيفة تجد بعض الصعوبة في تلقي الإشارات الجنسية الجاذبة من جانب "زوجها" -فقط وليس خطيبها- حتى يبذل هو بعض الجهد في ربط إثارتها بمشاعرها ثم تسير الأمور في سلاسة وانسيابية بعد وقت قصير من بدء الزواج ورسوخ العلاقة الجسدية بينهما واستقرار العلاقة الجنسية حتى تصبح بلا ألم ولا قلق.
كلمة أخيرة
يا عروسنا الجميلة أقولها لك ولكل فتاة مثلك، فلتعلمن أن لكل مقام مقال، ولكل وقت أذان، إن مرحلة الخطبة ذات وظيفة هامة جداً، يتواصل فيها الخطيبان نفسياً ويتعارفان إنسانياً، ويبدأ كل منهما في معرفة ميول الآخر وطريقة ردود أفعاله حيال الكثير من الأمور الحياتية، واختبار القبول الوجداني والتواصل المعنوي.وليست الثقة مكانا لأي تقارب جسدي ولا لاختبار ردود الأفعال الجنسية وقياس درجة حرارة الشهوة، والحكم ببرود أو سخونة الطرف الآخر، ودعيني أنبهك لشيء يا عزيزتي، لو كان في هذا خير ما حرمه الله، إنما هي حكمة إلهية عليا لا نعرف مداها، ولا ترتقي حكمتنا لمعرفة سبب هذا التشريع الإلهي العظيم والذي يضع كل شيء في نصابه الصحيح، أما إذا استحال التحكم في النفس أو في التصرفات من هذا النوع فليسْعَ العروسان إلى عقد القران في أقرب وقت ممكن كي لا يقعا فريسة لفتنة الشيطان والذي يدخل دائما للإنسان من أدق نقاط الضعف.
وتلك النقاط هي الأسهل في اجتذابه تحت ظروف معينة.. وماذا عساه يكون أضعف لدى شاب من رغبته الجنسية نحو فتاة ستكون زوجته؟! فشهوته آنذاك طاغية، لا تخضع لقوانين البشرية، وكل شيء في هذا المضمار مبرر وله أسبابه، وليس أكثر من غض الطرف عن الحرام أو العيب أو ما إلى ذلك.. وكل ذلك من عمل الشيطان...
فلتكونوا أقوياء العزم أيها الشباب والفتيات في مواجهة هذا البركان المسمى بالرغبة، ولتحفظوا الله ليحفظكم وليبارك لكم في حياتكم الزوجية السعيدة المديدة.. إن شاء الله.

0 التعليقات

إرسال تعليق