| 0 التعليقات ]

هي قصة فتاة...بل قل هي قصة جميع خلق الله.

هذه الفتاة أرادت السعادة...و لكن يا حسرتاه!! زين لها الشيطان المعصية فصدها عن السبيل، زين لها المعصية فظنت أنها هكذا ستكون سعيدة.سبحان الله و كيف ترزق السعادة فى معصية الله؟؟!! ألم تعرف أن السعادة من الله وحده {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [سورة النجم:34] فكيف يا ترى سترزق رزق الرزاق بمعصيته؟و هل خرج سيدنا آدم عليه السلام من الجنة إلا بعد أن وسوس له الشيطان بهذا!! أسكنه الله الجنة و رزقه بزوجة تؤنسه و أعطاه من النعم الكثير و لكن...نهاه فقط عن شجرة واحدة... نعم شجرة واحدة، فوسوس له الشيطان و لزوجه أنه إذا أراد السعادة فليأكل من الشجرة التي نهاهما الله عنها {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [سورة الأعراف:20] فكانت هذه الواقعة سبب في إخراج بني آدم جميعا من الجنة، و كانت لهم درسا يتعلمون منه حتى لا يضلوا الطريق، الطريق الذي يعيدهم إلى موطنهم الأصلي و هو الجنة أو يخرجهم من الجنة إلى الأبد، و لكن نست البشرية جمعاء هذه القصة، و تركوا إبليس اللعين يلعب معهم نفس اللعبة التي لعبها مع أبويهم من قبل...لعبة تزيين المعصية...لن تنالوا السعادة إلا بالتحرر من كل هذه القيود و التكاليف التي فرضت عليكم، فهل وجدوا السعادة؟؟!! إن من ينظر إلى واقع العالم بأثره اليوم يجده يعيش في تخبط ليس بعده تخبط، يعيش التعاسة و لن يجد ما يبحث عنه إلا بالرجوع إلى الله.

والآن تعالوا بنا نستمع إلى نموذج فردي من هؤلاء الذين كانوا يبحثون عن السعادة و ظنوا أنهم لن يجدوها إلا في غير مرضاة الله، تعالوا نستمع إليها و نحاول أن نتعلم منها...بل فليتعلم منها العالم بأثره أنه لن يجد هذه السعادة إلا مع الله.

وبحثت عن السعادة جاهدا*** فوجدت هذا السر في تقواك
فليرضى عني الناس أو فليسخطوا***أنا لم أعد أسعى لغير رضاك


كنت في فترة صباي و خدعني الناس بقولهم أنت مازلت صغيرة, حاولي أن تستمتعي بحياتك, حاولي أن تعيشي شبابك, اخرجي و تمتعي, البسي أغلى الثياب, استمتعي بالدنيا و انسي أمر الدين, فأنت مازلت صغيرة, لم ترهقين نفسك بكل هذه التكاليف؟ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها, و الله غفور رحيم, اخرجي ليل نهار, اذهبي إلى السينما, سافري هنا وهناك, اعملي في البنوك الربوية فإن لها مستقبل باهر فهم يعطون مرتبات تجعلك تعيشي ملكة أو عليك بشركات الدعاية أنت جميلة و سوف تجدي فرصة عمل رائعة، إياك أن تلبسي الحجاب فإنك لن تجدي فرصة في عمل ولا في عريس و إن وجدتيه سيكون فقير الحال, ليس له أي وجاهة اجتماعية أو سلطة، حاولت أن أتبع تعاليمهم بدقة شديدة, أريد السعادة...أريدها خالصة لي..أريد أن أكون ممن يشار لهم بالبنان...و من منا لا يريد السعادة؟ لبست أفخر الثياب و حاولت أن أجد السعادة فلم أجدها...كيف؟ لقد دفعت أغلب ما أملك لألفت أنظار الجميع و لكن لم أشعر بالسعادة...لا بأس..أكيد سوف أجدها عندما أعمل في المكان الفلاني الذي ينتقون فيه العاملين بشدة..ينتقون الأجمل و الأكثر وجاهة اجتماعية و أكيد سوف يكون هناك العائد الوفير الذي يجعلني أعيش في أعلى مستوى و يمكن أن أجد هناك العريس المناسب الذي يجعلني أعيش في أعلى مستوى أتميز به عن باقي صديقاتي...و لكن للأسف لم أجد السعادة، ماذا أفعل يا ربي؟ تعبت...حاولت أن أبذل كل ما أستطيع لكي أرتاح و لم أرتاح أبدا...كنت كمن يمشي في صحراء يرى من بعيد سراب فيجري إليه و يحسبه ماء و عندما يصل إليه لا يجده شيئا، فقلت لنفسي: أنا حاولت أن أخالف ما أمر الله به لعلي أن أجد السعادة فلم أسعد فماذا لو جربت طاعته؟ أحاول...ماذا سوف أخسر؟...لعلي أجدها.

وبدأت أصلي لله بخشوع و كانت أول مرة أشعر بصلاتي, كنت أشعر أن كلمات سورة الفاتحة فقط ترجني من الداخل رجا, فعندما اقرأها تبدأ الدموع تنهمر من عيني, تنهمر ولا أعرف لماذا؟ أشعر و كأن أشياء كثيرة تحدث بداخلي, ترى ماذا يحدث؟ لم أشعر بسعادة في حياتي بمثل ما شعرت بها يومها...كنت كلما قرأت الكلمات أبكي و لكنه بكاء يتلوه راحة عجيبة...بكاء ليس كالبكاء الذي كنت أبكيه على شيء ضاع مني أو شيء لم أستطع الحصول عليه, بكاء غريب له طعم جميل، شعرت براحة شديدة في الصلاة، و للعجب أول مرة بحياتي استيقيظ لأصلي قيام الليل...ماذا قيام الليل؟ وإذا بنفسي تقول: مهلا مهلا ...أين أنت؟ أنت التي كنت تبحثين عن سعادة الدنيا بأثرها، تستيقظين في هذه الساعة المتأخرة و تتوضئين بالماء البارد و تصلين، و تقولي لي: أنك تبحثين عن السعادة؟ فقلت لها: نعم أبحث عنها و لم أجدها إلا هنا... قالت لي: بالتأكيد جننتي أو ستعودي إلى رشدك ثانية فلن تستطيعي المواظبة فهذا الطريق مليء بالصعاب و أنت لست أهلا له...، فقلت لها: لا سوف أبذل ما أستطيع لإرضاء ربي، فأنا لم ولن أجد السعادة إلا معه.

وبدأت أبحث عما يرضي ربي, فوجدت أن ملابسي تحتاج إلى تغيير, بدأت أشعر بالحياء الشديد من نظرات الناس لي بعد أن كنت أسعد بها, و كنت كلما رأيت مسلمة ترتدي عباءتها شعرت و كأني أخجل من نفسي و أتمنى أن أكون مثلها, أشعر بالغيرة الشديدة عندما أرى نظرة الاحترام لها من الناس, فشعرت في قرارة نفسي و لماذا لا ارتدي حجابي؟ فأنا مسلمة و بطاقتي الشخصية كمسلمة هي حجابي, و لكني قلت في قرارة نفسي و لكني أريد أن ارتدي الحجاب لله و لأجل أن يكون لله يجب أن يكون فيه المواصفات التي يرضاها ربي ولست أريد أن ألبس نفس ملابسي الضيقة و ارتدي عليها غطاء للرأس و أقول الحمد لله لقد ارتديت الحجاب, لا, أريده لله, إذن فسأشترى ملابس جديدة حتى و إن كانت عباءة واحدة ارتديها, لاضير, طالما أرضي ربي, فسأكون سعيدة، و بالفعل اشتريت عباءة واحدة و شعرت بسعادة لا أقدر على وصفها, يا الله لم أكن أشعر بمثل هذه السعادة من قبل, أول مرة بحياتي أشعر بهذه السعادة, لم أشعر بهذه السعادة مع الملابس الفاخرة, لم أشعر بهذه السعادة و كنت كل يوم ارتدي شيئا جديدا, لم أشعر لحظة واحدة بالرضا عن نفسي, و لكني وجدت الرضا, وجدته في طاعة ربي، و شعرت و كأني ملكت الدنيا بأثرها.

ومرت علي سنين طويلة كل يوم أحاول أن أبحث عن العيوب التي بي و أحاول أن أغيرها من أجل ربي, و مهما لاقيت من استهزاء الناس أو لاقيت من صعاب أشعر أكثر بحبي لربي و أشعر أكثر بالانتماء لهذا الدين، يا له من دين, أعطاني كل ما كنت أريده...لو علم الباحثون عن السعادة في غير رضا الله ما بي من سعادة لحاربوني عليها بالسيوف.

وكيف لا؟ فقد رزقت صحبة في الله، و عندما تقول صحبة في الله تعني أنهم يحبونك لله و لله وحده ليس لمظهر ولا لمال لديك ولا لمصلحة دنيوية فلا تجهد نفسك في التكالب على الدنيا و لا في الكذب أحيانا حتى تظهر لهم مدى أهميتك, لا بل كل ما تفعل لكي تكسب حبهم و ثقتهم هو أنك تطيع الله, ووقتها ووقتها فقط سوف تجد الكون كله يحبك, و كيف لا يحبك كل ما في الكون و الكون كله من خلق الله. قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ «إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا نادى جبريل إن الله قد أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ويوضع له القبول في أهل الأرض» [رواه البخاري].

ورزقت أيضا الاطمئنان النفسي و الرضا و السعادة الداخلية التي لم و لن أجدها إلا في طاعة الله،فكيف إذا لا أشعر بالسعادة؟ وأنا أعبد رب هذا الكون كله، نعم لقد أيقنت أن السعادة ليست في المال والسلطان والجاه والشهرة، بل إن السعادة الحقيقة في رضى الله. أيقنت أن السعادة الحقيقية لأي إنسان أن يرضي الله عنه وأن يحبه وتحبه الملائكة، فليس المهم ماذا يقول عني الناس؟ إنما المهم ماذا يقول عني رب الناس، ليس المهم ماذا يقول عني أهل الأرض وكيف شهرتي فيها؟ ولكن المهم ماذا يقول عني أهل السماء وما هي شهرتي فيها؟ حقا من سيرضي الله سينال سعادة الدنيا ويعيش في جنة، فإن في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة هي حب الله ورضاه والأنس به.

فيا حسرتاه على من يبحث عن السعادة في غير مرضاة الله:

{وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [سورة طه:124]

0 التعليقات

إرسال تعليق