| 0 التعليقات ]

مضى الزمن الذي كان يموت فيه الأحبة من أجل بعضهم البعض، نحن الآن في زمن يقتل فيه الأحبة بعضهم البعض ويمثلون بأجسادهم، جاء الزمن الذي يشوّه فيه الرجل وجه المرأة التي أحبها؛ لأن والدها يرفض زواجهما وقرر تزويجها لآخر، وجاء الوقت الذي تقتل فيه امرأة رجلا ثم تعلن أنها لم تقصد سوى "محو رجولته".


نعم "رفض الزواج منها فقتلته بسكب ماء النار على أعضائه التناسلية".. خبر قد يكون مبهجا ومسليا لمعظم الفتيات اللاتي لم يسلمن من جروح وصدمات وحروق وأحيانا موت، فتيات لم تساعدهن ثقافتهن أو تربية المجتمع لهن على الشعور بالأمان فوجدن في انتقام هذه الفتاة وفي قصص الأكياس والسواطير متنفسا لهن ومخرجا لأزمة الثقة بينهن وبين عالم الرجال، وذات الخبر قد يكون مقلقا جدا ونذير خطر وقد يتسبب في إيذاء مشاعر الكثير من الرجال الذين يؤمنون أن جزءا كبيرا من رجولتهم يكمن في قدرتهم الجنسية، ولكنه لا يعدو كونه حادث عنف لامعقول كمثل هذه الحوادث المنتشرة والتي يقتل فيها الرجل صديقه من أجل 5 جنيه.


انزعج البعض لما حدث لهذا الرجل شهيد الحب، ولكنهم أخذوا نفسا طويلا بعد إكمالهم الخبر ومعرفتهم بوفاته، ببساطة يحمدون الله على موته بديلا من أن يحيا معذبا، دافع البعض عن الفتاة التي قد غرّر بها الشاب وفعل بها الانتقام فعلته لتواجه السجن والعذاب، أكد البعض أنها تحبه وإلا ما قررت أن تحتفظ به لنفسها على طريقة "فيها لأخفيها".


ولكن هذا الحدث يأخذنا إلى منعطف جديد يمر به المجتمع المصري في موضوع العلاقات بين الرجل والمرأة، ففي ظل نسبة عنوسة متزايدة وعدم قدرة الكثير من الشباب على الزواج، نجد مشاهد الحب في الأماكن العامة على مرأى ومسمع الجميع، إنها ظاهرة، ومن يقل غير ذلك سأقول له: اذهب إلى الكورنيش أو كوبري قصر النيل أو حدائق القاهرة المنتشرة في كل مكان، اذهب إلى أي شاطئ في العجمي أو جمصة ليلا، لترى ما أتحدث عنه، لو شاهدت أفلام السينما منذ عشر سنوات لرأيت أن معظمها يعكس هذه الظاهرة، شابا وفتاة يجلسان أو يقفان سويا يكادان أن يلتصقا ويتكلمان بصوت هامس، يأتيهم بائعو الورد والشوكولاته ليقوموا بابتزازهم، وتمصمص النساء المارة بالطريق شفاههن على حال "بنات الأيام دي اللي مش لاقيين حد يربيهم"، ويمر بهم مجموعة من الشباب فيرمون ببعض تعليقاتهم السخيفة، ويضرب الرجال كفا بكف قائلين: "شوف لازقين في بعض إزاي؟!!" أليس هذا ما يحدث؟!


وهذه الظاهرة ما هي إلا خطوة أولى لانزلاق الحبيبين إلى هوة أكبر وهي العلاقة السرية، والتي قد تتم في سيارة مغلقة أو شقة خاصة يملكها أحد الأصدقاء أو أي مكان يصلح لخلوة بينهما حتى لو كان سينما مظلمة.

على الناحية الأخرى تظل بعض المفاهيم السائدة في المجتمع تضلل الناس بشكل أو بآخر فتظل الأمهات يزرعن داخل عقول بناتهن أن الولد "مش هيتجوز واحدة مشيت معاه"، وفي الوقت نفسه يفتخرن بعلاقات أبنائهن المتعددة ويسمحن لصديقاته بالتحدث معه في التليفون وبشكل ضمني يوافقن على علاقاته خارج المنزل، وتظل العادات والتقاليد تفترض أن شرف البنت يكمن في منطقة معينة من جسدها طالما هي محافظة على نفسها "خلاص"، فتسهل على الفتاة إقامة العلاقات طالما تقف عند حد معين ولا تتخطاه، ويظل معظم علماء الدين والقنوات الإسلامية يؤكدون أن "الاختلاط حرام" ورغم ذلك نسمع على ألسنة الكثيرين أن "البلاد التي تحرّم الاختلاط يسيطر على شبابها الكبت فيلجئون للشذوذ والدعارة"، فيستغل البعض وجهة النظر التي تبيح الحرية الجنسية ولكن يلفظهم المجتمع بدعوى أن "الحرية الجنسية ستؤدي بالمجتمع إلى الانحلال والتفكك"، ورغم ذلك يؤكد الجميع -وخاصة الرجال- أن كل شيء يحدث وأكثر مما يحدث في المجتمعات الغربية، ولكن كله "تحت الغطا".
الغريب أننا نطرح الشيء وعكسه في الوقت ذاته لدرجة أصبح يستعصي عندها تحديد الخطأ من الصواب.

في فيلم "سهر الليالي" قدّم تامر حبيب رجلا وامرأة يعيشان سويا دون زواج وتكرر هذا النموذج في أفلام أخرى مثل "في شقة مصر الجديدة" و"إحنا اتقابلنا قبل كده"، وهذا على سبيل المثال لا الحصر، الغريب أن النموذج المقدم هذه المرة لا يقدم المرأة بكونها عاهرة تقيم علاقة غير شرعية، ففي الأفلام الثلاث تبدو المرأة ناجحة ومن طبقة اجتماعية مرفّهة، ويبدو الرجل كذلك، وما دفعهما إلى إقامة هذه العلاقات سوى رغبتهم في الحرية أو الاحتفاظ بالخصوصية بعيدا عن مشاكل الزواج، سيبدو للبعض أن هذا ترويج للانحلال من خلال الأفلام ولكني لا أراه سوى انعكاس لواقع نحياه، انتشرت فيه العلاقات السرية ليس فقط بين المراهقين ولكن بين الناضجين أيضا، رجال ونساء تتخطى أعمارهم العشرين بزمان متعلمين ومثقفين قرروا البعد عن الرباط المقدس المسمى بالزواج واختاروا لأنفسهم حياة سرية خالية من التعقيدات كما يرونها، وبما أن الترقيع حلال والإجهاض حلال فلا مانع أن تلجأ لهما من ملّت من "العك" وتبحث عن قليل من الاستقرار، وإن كان المدافعون عنهما يرون منفعتهما في الستر أكبر من ضررهما بكثير.


والنتيجة أن أصبح الإنترنت ممتلئا بالإعلانات عن رجال ونساء يرغبون بإقامة علاقات من هذا النوع، والغريب أن منهم من يعلن حصوله على أعلى الدرجات العلمية وتمتعه بالكثير من الصفات الجيدة التي تؤهله ليكون زوجا ناجحا أو زوجة ناجحة، ولكن لماذا يهرب الناجحون من الزواج وكأنه صخرة سيتحطم عليها نجاحهم وسعادتهم؟ هل يعود هذا إلى طبيعة الزواج أم إلى طريقة تفكيرنا فيه!


ولكن ماذا يحمل كل طرف في هذه العلاقة السرية للطرف الآخر، في ظل المفاهيم السائدة والتي ذكرناها سابقا؟ بالتأكيد خنجر، ففي زوايا العقل تعرف المرأة التي أسلمت قيادها ومشاعرها للرجل أنه سوف يتركها ليتزوج أخرى لم تمسّ من وجهة نظره طبعا، وهو ينظر لها باستياء واشمئزاز عندما تدير ظهرها معترفا بداخله أنها غير موثوق بها ولا تؤتمن، وإلا لما فرطت في نفسها له كما فرطت بالتأكيد لغيره طالما فعلتها معه.


العلاقات السرية في تزايد ولذلك بدأت مشاكلها تطفو على السطح، فازدحمت القنوات الدينية بفتاوى الترقيع والإجهاض، ومؤخرا ظهور ما يسمى بالغشاء الصيني، وامتلأت المحاكم بقضايا النسب التي لا يصلنا منها سوى فضائح المشاهير فقط، وأيضا ظهور ما يسمى بالزواج العرفي وزواج المتعة، وامتلأت الأفلام بالمشاهد التي تتحدث عنها، وأخيرا قتل الفتاة لصديقها بإلقاء ماء النار عليه، ورغم كل ذلك أنا لا أرى أن المشكلة في العلاقة في حد ذاتها قدر ما هي مشكلة المفاهيم السائدة والمبنية بشكل كبير على الازدواجية والكيل بمكيالين في تربية الرجل والمرأة والحكم عليهما، فكل المشكلات وكل الحلول لم تعد في أساس الظاهرة وهو: لماذا يلجأ الشباب لهذه العلاقات؟ وكيف تتم معاقبة المتهرب من المسئولية في حالة حدوث حمل أو فضيحة؟ بل بالعكس أصبحت كلها مجرد محاولات للتغطية على العلاقة أكثر وإخفائها أكثر وأكثر، وتبرير هذا الإخفاء بطرق لا يمكن تسميتها سوى "خداع وتدليس" وتحويل القضية إلى جانٍ وضحية، والدفاع باستماتة عن كل منهما وكأنه لابد أن يكون أحدهما فقط هو المخطئ دون الآخر.

قضيه تحتاج ارائكم فمن المخطىء فى العلاقات التى تنشأ بين الولد والبنت بدون علم الاهل
الولد
ام
البنت
ام
الاثنين معا
ام
المجتمع
ام من؟؟؟
شاركونا بارائكم

0 التعليقات

إرسال تعليق