| 0 التعليقات ]



يطرق رمضان أبوابنا كل عام يستنهض الهمم ويرتفع بالنفوس عاليا ليجسد فيها الصبر والجهاد والمجاهدة ويقربنا كل عام خطوة إلى النصر. فلم يكن رمضان يوما من الأيام شهر لهو أو عبث ولا نوم أو كسل. ففيه خاضت الأمة أهم المعارك وحققت أعظم الانتصارات وفتحت البلاد فخفقت راية الإسلام وقامت حضارته وساد أبناؤه صانعين التاريخ وخاطين سطوره بحروف العزة والفخار.


في رمضان كانت غزوة بدر الكبرى يوم الفرقان وبناء أول لبنة لدولة الإسلام القوية, وفي رمضان كان أعظم فتح في التاريخ فتح مكة مهوى القلوب وقبلة المسلمين في العالم وفي رمضان كانت القادسية وتلخيص رسالة الإسلام بعبارة ربعي بن عامر في وجه رستم قائد الفرس ليقول: جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده
وفي رمضان كان فتح الأندلس وانطلاق الحضارة الإسلامية ووصول إشعاعها إلى ظلمة أوروبا. وفي رمضان انطلق محمد بن القاسم مع ثلة من شباب الإسلام البواسل ودخلوا بلاد السند لينتشر الإسلام ويدخل الأفغان ومن حولهم في دين الله أفواجا
وفي رمضان تعرضت امرأة مسلمة لعدوان جندي روماني في عمورية فصرخت وامعتصماه فزلزلت كيان المعتصم بن الرشيد وكان النفير وفتح عمورية وتحرير المرأة المسلمة. وفي رمضان احتشد المسلمون بقيادة صلاح الدين وتوجه بهم إلى حطين لتحرير بيت المقدس واحتدم القتال لينتهي بنصر تاريخي عظيم مازالت النفوس تتوق لمثيله وتحلم بغبار ساحاته.
وفي رمضان جلجلت واإسلاماه ليقف المسلمون بسيف الدين قطز في وجه التتار ويكسروا شوكتهم وينقذوا البلاد من شرهم المستطير وفي رمضان تدفق العثمانيون في بلغراد لينتشر الإسلام في أوروبا الوسطى معلنا رسالته وسماحته في تلك البلاد
في رمضان كانت معركة العبور واقترب منا النصر بقدر اقترابنا من الإسلام, اقترب حين توحدت الأمة ونبذت أسباب الفرقة, اقترب حين كان شعارنا في المعركة الله أكبر, وكلمة السر بدر, واسم الخطة المآذن العالية, ولكن.. حين ابتعدنا عن الإسلام سرعان ما ابتعد عنا النصر.. ولم يعد!
ويبقى السؤال :لماذا توقف النصر ولماذا تشتت الأمة وتاهت في دروب الجدل والمراء؟!
فكم واإسلاماه انطلقت ولم تحتشد الأمة ولم تسلك سبيل النصر! وكم وامعتصماه صرخت ولا حياة لمن تنادي!
هل لأن رمضان الذي عرفه أسلافنا غرس فيهم العزة فلم يعرفوا الاستسلام ولا الخنوع؟ أم لأنه كان رمضان العفة و لم تلوثه المحطات الفاسدة والبرامج المفسدة؟ أو لأنه كان رمضان العزيمة فلم يعرف همما متوارية أو قلوبا واهنة؟
حقا , لم يفت الأوان بعد, فهاهو رمضان من جديد, يبعث فينا الأمل, ويضعنا على أعتاب العزة والكرامة, ويدلنا على طريق النصر والسيادة, وها هو يدعونا للصبر والمجاهدة, وبذل الغالي والنفيس, ليشرق الإسلام في ظلمات الأرض, ويتنزل النصر الذي ترتقبه النفوس المؤمنة وتهفو إليه الأفئدة المشرقة وتتوق إليه الهمم الفذة.
فحين نمتطي صهوة العز, وننبذ توافه الأمور.. وحين ننتصر على أهوائنا, و نلتزم بالحق ولو على أنفسنا.. وحين يكون رمضان العزة والعفة والعزيمة.. وحين نتحرى الصيام والقيام والقرآن والصدقة والذكر والدعاء..
حينها فقط.. نرتقب النصر!

0 التعليقات

إرسال تعليق