| 0 التعليقات ]


السائل :
عبدالله

الســؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أبي مدمن للتلفزيون, يجلس أمامه لأكثر من 8 ساعات، وأكثر ما يشاهده البرامج الرياضية وأحياناً الأفلام والمسلسلات. ولذلك يضيع الصلوات في المسجد , والأسوأ من ذلك أنه يسب الدين على أتفه الأسباب. كيف يكون دوري كي يمتنع عن هذه الأمراض مع العلم أنه لا يتقبل النصيحة ويعرف تماماً الصواب والخطأ؟ وجزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
بخصوص ما ورد برسالتك فإنه من المؤسف حقًا أن يكون رب الأسرة والقدوة فيها والقوَّام عليها ابتلي ببعض التصرفات التي لا ترضي الله ورسوله ويصر عليها بل ويدافع عنها، في حين أنه لا يرضى بذلك لأبنائه، بمعنى أنك لو جلست أنت فترة طويلة بهذا الحجم أمام هذا الجهاز فإنه سينكر عليك كبعض الآباء يدخنون ولا يريدون من أبنائهم أن يدخنوا بل ويطرد ولده من البيت وقد يضربه ويفعل معه أشياء عظيمة بحجة أنه يدخن، رغم أنه هو الذي يعلمه، لأن الأب المدخن يشجع أبناءه على التدخين، كذلك أيضًا الأب المدمن للتلفاز يشجع أبناءه على ذلك، إلا أنه لا يريد ذلك لأنه يعرف أن هذا خطأ وأنه لا ينبغي ولا يجوز، ولذلك - بارك الله فيك - إذا كان لا يقبل والدك النصيحة من أي أحد فإنه في هذه الحالة أنت لا تصلح لنصيحته بهذا الحال، وإنما من الممكن - بارك الله فيك - إذا كنت تستطيع أن تستضيف بعض الإخوة الصالحين من إخوانك طلبة العلم أو المشايخ أو الدعاة ليجلسوا معك كزيارة عابرة، تقول له مثلاً: هذا أحد زملائي جاء يزورني – مثلاً –. ثم بعد ذلك تبدءوا في فتح هذا الموضوع بطريقة غير مباشرة، ويتكلم مع والدك بخصوص الوقت والزمن وأن الله تبارك وتعالى سائلنا عن هذه الأوقات بين يديه تعالى وأن الله عز وجل جعل لكل ساعة خزانة توضع فيها الأعمال أربع وعشرون خزانة على أربع وعشرين ساعة وأن كل ساعة تمر على الإنسان دون أن يكسب فيها خيرًا سيندم عليها ندماً عظيماً يوم القيامة، من الممكن أن يحدث ذلك، إذا كان هناك أشرطة ويستطيع والدك أن يستمع إليها فحسن، أو بعض الكتيبات التي تتكلم عن مثل...هذا الأمر فطيب، ولا مانع أيضًا أن تبدأ أنت حتى وإن كان لا يتقبل النصيحة فتبدأ في بعض الأوقات التي يكون فيها مزاجه طيباً ومعتدلاً وتبين له: يا والدي إن عمرك من ذهب بل أغلى من الذهب، ويوم القيامة سنندم وأنا حزين أن هذا الوقت يضيع منك، فمن الممكن على الأقل أن نحاول نصلي الصلوات الخمس في المسجد، لأن الصلاة في المسجد جماعة لها ثواب عظيم وأجر كبير، والله تبارك وتعالى بكل خطوة يعطيك ثلاث جوائز: الجائزة الأولى يكتب لك حسنة، والجائزة الثانية يغفر لك معصية، والثالثة يرفعك درجة، وبعد ذلك يباهي الله بك الملائكة وإذا كنت في المسجد تتنزل عليك الرحمات.. وقل له: يا أبي أنت رجل صالح وأنت قدوة حسنة وأنت أب فاضل، كل الذي أريده منك فقط يا والدي - بارك الله فيك – أن تكون موجودًا في المسجد مع المسلمين في جماعة، ثم بعد ذلك تأتي لتشاهد ما شئت وما تحب. اجتهد في ذلك - بارك الله فيك – إما بنفسك وإما بوسيلة وإما باستقدام بعض المشايخ الطيبين الذين قد يحبهم والدك ويحترمهم؛ لأن سب الدين كما تعلم قضية خطيرة، ولذلك أنت وحدك لا تقوى حقيقة على مواجهته فيها، وخاصة أنه يسب الدين كثيرًا وعلى أتفه الأسباب، أتصور أنه لا يعرف جرم ما يفعل، لأنك تعلم أن من سب ديننا فليس منا كما ورد في الحديث: (من سب ديننا فليس منا). ولذلك نص العلماء على أنه إذا كان يعرف ما يقول فقد كفر وخرج من الملة إجماعًا، لأن سب الدين كفر صريح من نواقض الدين.. أما إذا كان جاهلاً لا يعرف شيئًا فيعلم ويبين له ذلك، ولكن لأن والدك قد يكون رُبي في بيئة كانت هذه طبيعتها، ومعظم البيئات الحرفية والبيئات البسيطة في مصر أنه منهم هذا الكلام مع الأسف وإن كان قد قل الآن كثيرًا، ولكنه أيضًا موجود في بعض البيئات المتواضعة الفقيرة البسيطة، والإنسان يرث هذا الكلام لأن أحدًا لم يسمع والده يقوله فلم ينبهه أحد لهذا الكلام ولذلك يفعله كما لو كان على سبيل العادة. هذه المسائل - بارك الله فيك - تحتاج منك إلى هدوء وأن تستغل الوقت المناسب الذي يكون فيه والدك معتدل المزاج - مزاجه عنب كما يقولون – وتبدأ تتكلم معه وتقول له: يا والدي أنا أريد منك طلباً واحداً وهو أنك تصلي في المسجد جماعة، ثم ترجع لتشاهد؛ لأني أخاف عليك من عذاب الله تعالى.. الله ينادي عليك وأنت تعرف أن هذا وقت الصلاة ولا تستجيب فأخشى عليك يوم القيامة. طبعًا إذا تكلم معك وكان عقله حاضرًا يمكن أن يقبل منك، أما إذا لم يتكلم معك – كما ذكرت – فممكن تستضيف له بعض إخوانك المشايخ ليكلموه في هذا الموضوع وأيضًا تثار قضية سب الدين بطريق غير مباشر، حتى يعلم والدك خطورة ما يفعل في قضية سب الدين وفي قضية تضييع صلاة الجماعة والجلوس الساعات الطويلة أمام التلفاز. قطعًا هذه الأشياء التي يشاهدها ليست كلها حلالاً وقطعًا هي لا تزيد في الإيمان لأن هذا كله من مزمار الشيطان وهي وسيلة من وسائل صرف الناس عن دين الله تعالى، ولذلك أبوك لا يُرجى له خير أبدًا ما دام مُصراً على هذه الأشياء، حتى وإن لم تكن –والعياذ بالله– معاصي كبرى ولكنها تؤدي إليها وتقسي القلب - بارك الله فيك – ولذلك تحتاج – كما ذكرت – إلى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، واختيار الزمان المناسب، واختيار المكان المناسب، وعليك بالدعوة والدعاء، واجتهد له في الدعاء أن يصلحه الله، واعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بقوله: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وقال: (فعليكم عباد الله بالدعاء)، وقال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل)، فاجتهد في الدعاء له على أقصى ما تستطيع لعل الله إذا لم يصلحه بالنصيحة أن يصلحه بالدعاء وأنت مأجور على نيتك الحسنة ومأجور على جهدك سواء استجاب والدك أو لم يستجب، فأنت مأجور على ذلك لأنك غرت على دينك وأردت أن ترحم والدك. وأسأل الله عز وجل أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك، وأوصيك بالصبر الجميل حتى وإن أساء إليك – يا ولدي – لا ترد عليه بالسيئة أبدًا، وإنما احرص على تقبيل رأسه أو تقبيل يده وإكرامه غاية الإكرام حتى إذا ما تكلمت معه قبل كلامك. أسأل الله أن يوفقك في دراستك وأن يوفقك في دينك وأن يوفقك في دعوة والدك إلى الخير وأن يعينك على الدعاء له بصلاح الحال، وألا يخزيك وأن يريك ثمرة جهدك في صلاح أبيك واستقامته على طاعته وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - . هذا وبالله التوفيق.

0 التعليقات

إرسال تعليق