| 0 التعليقات ]

اليوم سنقوم بتشغيل عقولنا ونفكر معاً، وحتى نقوم بذلك، علينا أن نجيب عن بعض الأسئلة أولاً، والآن أخبرنا هل تذكر كلمات كثيرة بالإنجليزية أو أي لغة أجنبية أخرى في وسط كلامك؟؟

أو أخبرنا عندما تختار ملابسك هل تقوم بشراء تشيرتات وباديهات مكتوب عليها كلمات بلغات أجنبية؟

إذا كان لديك أولاد هل ستُدخلهم مدارس عربي وحكومية، أم ستُدخلهم مدارس دولية أجنبية؟

بلاش دُول..

عندما تخرج مع أصدقائك، بتروح فين؟ بتروح "ماك" و"سيلانترو" و"كوستا"، ولا بتروح "كشري التحرير" و"جاد" و"يامال الشام"؟

سيبك من ده كله وأخبرنا.. لو ربنا فتحها عليك وقررت تفتح محل، يا ترى هتسميه إيه؟ هتسميه "علي نمط الكرابيكي" و"المتحجبة" و"سمير وعلي" و"العزبي"، ولا "تشانس" و"شاتو" و"إم & إم" و"جولدن مان هاوس"؟!!

آخر حاجة.. آخر ما نريده هو إرهاقك معنا، قل لنا اسمك في "الأكّونت" بتاعك على الفيس بوك أو اسمك على الماسينجر أو حتى لو بتشارك في منتديات.. أسماءك فيها بتبقى إيه؟؟ عربي ولا أجنبي؟

أجبت عن الأسئلة السابقة؟! إذن اتركها الآن وتعالَ نفكّر فيما سيأتي
شايف إن اسم "سيلفرستون" أفضل وأشيك من "الحجر الفضي"!!
شايف إن اسم "سيلفرستون" أفضل وأشيك من "الحجر الفضي"!!
عندما يصلك "إيميل" يدعوك لمقاطعة المنتجات الأمريكية أو الدنماركية أو غيرها بترسله كرسالة فوروارد لأصحابك؟ وعندما تصلك دعوة لجروب مقاطعة أو جروب بيعترض على تصرفات الغرب، بترسل دعوات للانضمام للجروب لمن تعرفهم على الفيس بوك؟ والأكثر أهمية، وأنت بترسل دعوات للجروبات وإيميلات الاعتراض بترسلها من "أكّونت" بالعربي ولا بالإنجليزي؟

ورأيك إيه عندما تدخل محلا وتجد اسمه مكتوبا بالإنجليزية وتجده يضع فوق جدرانه عشرات الملصقات التي تصبّ الغضب على الغرب؟

والآن بعد إجابتك عن الأسئلة السابقة نقدر نبدأ نفكّر سوا.. إذا كنت ممن يضعون بين كل كلمتين عربي واحدة إنجليزي، وإذا كنت تنوي طبعاً إدخال أولادك مدارس دولية، وإذا كان دولابك ممتلئاً بتيشرتات أو باديهات مكتوب عليها كلمات بكل لغات العالم، وفي أحيان كثيرة لا تعرف حتى معنى الكلمات المكتوبة، وإذا كنت تفضّل "ستارباكس" على "قهوة الحلمية"، وإذا كنت شايف إن اسم "سيلفرستون" أفضل وأشيك من "الحجر الفضي".. وبجانب كل هذا تجد نفسك نشطاً على الإيميل والفيس بوك، وبترسل العشرات من دعاوى المقاطعة وتصبّ غضبك على دول الغرب وتتهمها بكل التهم من اضطهاد العرب لحد الازدواجية.

لاحظ أننا لا نتكلم على نقل علم أو ثقافة أو اختراعات من الغرب؛ فهذه النوعية من النقل لها معايير مختلفة، نحن نتكلم عن تقليد العادات وتقليد أسلوب الحياة من مأكل إلى طريقة ارتداء ملابس إلى طريقة معيشة بتقلّد فيها أناس تقوم بانتقادهم في كل تصرفاتهم وتقول إنك تكرههم.. طب تيجي إزاي دي؟!

إحنا اتفقنا إننا هنفكّر مع بعض، ولذلك تعالَ نعدّد، يا ترى إيه هي أسباب التناقض الحاصل ده؟

كلنا نعلم حال عالمنا العربي ومدى تراجعه في كل شيء حتى ردود أفعاله
كلنا نعلم حال عالمنا العربي ومدى تراجعه في كل شيء حتى ردود أفعاله
خجلان من هويتك العربية وحاسس إنك ضعيف..
بص يا سيدي.. كلنا نعلم حال عالمنا العربي ومدى تراجعه في كل شيء، حتى ردود أفعاله أصبحت ضعيفة على كل قضاياه العادية منها والمهمة وحتى المصيرية، تفتكر الشاب الذي يقوم بتقليد الغرب في طريقة حياته، خجلان من حقيقة كونه عربي؟

ومن إنه بينتمي لأمة أصبحت في ذيل الأمم، وبتقليده للغرب بيشعر إنه منتمي -ولو شكلاً- لكيان قوي، بيستمد قوّته منه؟

هو في الحقيقة بيقترب من هذا الكيان القوي لأنه بيعوّضه -ولو في الخيال- عن ضعف الواقع الذي يعيش به، وفي نفس الوقت فهو يكره نفس الكيان القوي؛ لأنه أحد مسببات هذا الواقع الضعيف.

وهكذا يجد ذاته في حالة تناقض بين صورة المثل الأعلى الذي يحلم به، وكون هذا المثل هو عدوه المفترض أن يحاربه لكي تتحسن حياته في الواقع.

من الآخر.. هذا الشاب يحاول بتقليده للغرب تسكين آلامه التي سببها ضعف أمته العربية التي ينتمي لها، ولهذا يتنصل من هويته كعربي ويبحث عن هوية أخرى لا تُؤلمه.

العالم كله أصبح قرية صغيرة ولم يعد هناك ما يسمى بعادات أو تقاليد
العالم كله أصبح قرية صغيرة ولم يعد هناك ما يسمى بعادات أو تقاليد
العالم قرية صغيرة والثقافة السائدة هي ما ينتشر
من الممكن أن يقوم هذا الشاب بهذه التصرفات؛ لأنه لا يشعر من الأصل أن الغرب مكان غريب عليه أو أن هذا الغرب يمثّل له الآخر، وإذا سألته سيخبرك أننا في عصر العولمة والسماوات المفتوحة، والعالم كله أصبح قرية صغيرة، ولم يعد هناك ما يسمى بعادات أو تقاليد بتميز مكان معين عن غيره.

وأن الشاب في مصر مثل الشاب في أمريكا مثل الشاب في السعودية أو إنجلترا أو اليابان، كلهم شباب يرتدون ذات الملابس، ويحبون ذات الأكلات ويسمعون ذات الأغاني.

طبعاً هذا الشاب يشعر دلوقتي إننا مبالغين وبنكبّر الموضوع.. وإن الحياة "بيس يا مان" و"كبّر دماغك" "وما تاخدش الأمور قفش"، و"بطل أفكار الستينات والقومية العربية اللي أنت عايش فيها دي"..

هو يرى أن أصدقاءه على الفيس بوك أو تويتر هم في النهاية أصدقاؤه فقط، كلهم يفكّرون بلغة عالمية واحدة هي لغة الشباب.

أما إرسال الإيميلات والجروبات وغيرها؛ فهذه مشاركة في العمل العام، وطبعاً سيُنهي حديثه بألا نخلط الأوراق، وأن الحياة العادية شيء والسياسة شيء آخر.

ولكن هل سأل ذاته: ما دامت الحياة بهذه السهولة وكلنا واحد، لماذا لم يقلّدنا الغرب ويأخذ من عاداتنا مثلما يقوم هو بتقليده؟!

الشباب غيّر من شكله ولغته وملابسه ونقلهم لطبقة أخرى
الشباب غيّر من شكله ولغته وملابسه ونقلهم لطبقة أخرى
خليك كول وروش واستايل وما تبقاش بيئة
هذا هو النوع الثالث من الشباب الذي يقع في هذا التناقض؛ فهو يرى أن الكلام بالعربي أصبح دقة قديمة، ولا يستخدمه سوى الناس البيئة، وأن الناس الاستايل، جميعهم يتكلمون الإنجليزية مع إدخال بضع كلمات عربية فقط بها.

وأن هذا الشخص الراقي حتى عندما يتكلم مع شخص عربي مثله على الشات على سبيل المثال يتكلم معه بالإنجليزية أو على أقل تقدير يتكلمان بطريقة "فرانكو أراب".

وطبعاً تجده فجأة توقّف في منتصف حديثه معك وأخذ يفكّر بصعوبة ويعصر عقله للبحث عن معنى كلمة بالعربي، وكأن اللغة الأجنبية هي لغته الأم، وهو يريد فقط أن يوصل لك معنى ما يقول بلغتك.

هذا الشاب يشعر بأن مثل هذه الحركات تعطيه مكانة وبرستيجاً أعلى، وأنها تنقله لطبقة اجتماعية أرفع، وأنه بهذا الكلام أصبح من الطبقة "الكلاس".

الفكرة هنا أن هذا الشاب غيّر من شكله ولغته وملابسه ونقلهم لطبقة أخرى؛ لكنه لم يغيّر من فكره، في النهاية هو شاب عربي يتأثر بكل ما يراه يحدث للعرب، ولهذا تجده، يرسل العشرات من الإيميلات وينشر جروبات، من واقع إيمانه بالفعل بقضية عالمه العربي؛ ولكنه يريد أن يكون "عربي إستايل"..

والظريف أنك تجده على سبيل المثال شاباً يرتدي ملابس غربيّة الطراز ويتكلم بلغة ولهجة غربيّة ويتصرف بنمط غربي تماماً في كافة الأمور، ثم تجده يقف لينتقد شاباً خليجياً لكونه بمجرد أن وصل مصر، خلع الجلباب والغترة وارتدى الجينز والتيشيرت.

الحقيقة أنه هو وهذا الشاب الخليجي لا يفرقان شيئاً عن بعضهما البعض؛ فالاثنان تنازلاً عن هويتهما وتنصلا منها.. وفي النهاية فهما الاثنان يرتديان نفس "الجينز" المكتوب عليه "صُنع في الغرب"..

والآن
وبعد أن فكّرنا في كل أنماط الشباب الذين يقومون بذلك ووضّحنا كل أسبابهم..
خليك صريح مع نفسك قبل ما تكون صريح معانا..
 وقل لنا إنت بتعمل الحاجات دي أو منتمي لأي نوع من الشباب دول؟
ويا ترى إنت شايف إن ده طبيعي ولا ده طمس للهوية العربية؟
لو شايف إن ده طبيعي.. مش حاسس إن فيه تناقض من إنك تقلّد ناس وتكرههم في نفس الوقت؟
لو ده مش طبيعي يا ترى متفق معانا في الأسباب اللي عرضناها ولا عندك أسباب تانية؟
وتفتكر إيه الحل؟

| 0 التعليقات ]

يُحكى أنه كان هناك مجموعة من القنافذ تعاني البرد الشديد؛ فاقتربت من بعضها وتلاصقت طمعاً في شيء من الدفء؛ لكن أشواكها المدببة آذتها، فابتعدت عن بعضها فأوجعها البرد القارص، فاحتارت ما بين ألم الشوك والتلاصق، وعذاب البرد، ووجدوا في النهاية أن الحل الأمثل هو التقارب المدروس؛بحيث يتحقق الدفء والأمان مع أقل قدر من الألم ووخز الأشواك.. فاقتربت؛ لكنها لم تقترب الاقتراب المؤلم.. وابتعدت لكنها لم تبتعد الابتعاد الذي يحطّم أمنها وراحتها.

وهكذا يجب أن نفعل في دنيا الناس؛ فالناس كالقنافذ، يحيط بهم نوع من الشوك غير المنظور، يصيب كل من ينخرط معهم بغير حساب، ويتفاعل معهم بغير انضباط.

وانظر تَرى كيف أن رفع الكلفة والاختلاط العميق مع الناس، يؤذي أكثر مما يُفيد، ويزيد من معدل المشاحنات والمشكلات.

إن النبيه من يتعلم الحكمة من القنافذ الحكيمة؛ فيقترب من الآخرين اقتراب من يطلب الدفء ويعطيه، ويكون في نفس الوقت منتبهاً إلى عدم الاقتراب الشديد حتى لا ينغرس شوكهم فيه.

بلا شك الواحد منا بحاجة إلى أصدقاء حميمين يبثّهم أفراحه وأتراحه، يسعد بقربهم ويُفرغ في آذانهم همومه حيناً.. وطموحاته وأحلامه حيناً آخر.

لا بأس في هذا.. في أن يكون لك صفوة من الأصدقاء المقرّبين؛ لكن بشكل عام، يجب -لكي نعيش في سعادة- أن نحذر الاقتراب الشديد والانخراط غير المدروس مع الآخرين؛ فهذا قد يعود علينا بآلام وهموم نحن في غنى عنها.

احذر يا صديقي أن تكون بوابة القلب بلا مفتاح، يدخلها من شاء دون أن يؤدّي طقوس الصداقة، ويوقّع على شروطها.
عِش في الدنيا وبينك وبين سكانها مساحة ثابتة تتيح لك أمان غَدَراتهم، وسوء تدبيرهم.
وتذكّر دائماً أن الناس قنافذ.. فاقترب ولا تقترب, وابتعد دون أن تبتعد.


بقعة ضوء: الأصدقاء ثلاث طبقات: طبقة كالغذاء لا نستغني عنه، وطبقة كالدواء لا نحتاج إليه إلا أحياناً، وطبقة كالداء لا نحتاج إليه أبداً.

| 0 التعليقات ]

توقظه قبل آذان الفجر بدقائق ... كعادتها كل يوم ... بابتسامتها الرقراقة ... ووجهها المستدير المضيء كالبدر بل اشد منه ضياءا ... وهي تهمس حبيبي حان اللقاء مع رب السماء ... تقف خلفه في الصلاة خاشعة ... تفيض عيناها بالدموع من خشية الله.
تقف معه وهو يرتدي ملابسه مستعدا للجهاد من أجل قوت يومهما ... تساعده في اختيار لون البنطلون و القميص الذي يتناسب معه ... تسير إلى جانبه حتى باب شقتهما ... تودعه مذكرة إياه بما اعتادت أن تقوله له متى ذهب إلى عمله " أتقي الله فينا و أتنا بالمال الحلال لكي يطيب عيشنا " ... يقبلها وهو يقول لها " سأشتاق إليكي يا قرة عيني" ... و بالشهادتين يودع كل منهما الأخر
تستقبل خديجة الزوجة بيتها البسيط ... ذا الغرفتين ... بذلك الأثاث الذي مضي عليه خمسة عشر عاماً ... ولا زال يسترهما .... فبرغم بساطة البيت إلا إن كل من يزورهما يقول " لا نعرف ما سر تلك الراحة التى نستشعرها في بيتكم" ...

لم تنجب خديجة لعيب في زوجها ... الذي يعمل موظفا بسيطا في جهة حكومية يخدم فيها المواطنين ... وبرغم أن هذا يعرض عليه كوباً من الشاي مدفوعٌ كي ينجز له مصلحته أولا وذاك يسترق بيديه خلسة يحاول أن يضع في درج مكتبه أو في المظروف الذي يقدمه إليه مبلغاً من المال عله يرضي بقضاء مصلحته أولا ... إلا أن الزوج يذكر قول زوجته له في الصباح فيعتذر بكل أدب ويرفض ما عرضه هذا وما حاول أن يقدمه ذاك




يعود الزوج مسرعاً إلى زوجته الرقيقة ... الراضية بما قسم الله لهما ... فيجد المنزل كجنة أعدت من أجله و لأجله ... كان قد أستعد لمقابلة زوجته حبيبته وشوقه يدفعه إلي البيت دفعا ... إلا أنه وجدها جالسة إلى جوار أختها حسناء فيسلم على أختها ثم يجلس قليلا ثم يستأذن منها بلطف بحجة أنه في حاجة إلى استبدال ملابسه ...
فتلتفت حسناء إلى أختها خديجة وتقول " لا أعرف ما الذي جعلك تصبرين على هذه الحياة طوال هذه السنين ، إنه لا ينجب ، ولا مال لديه " ... ثم تستطرد " ألا تذكرين فلاناً الذي قد تقدم لخطبتك من قبل؟؟ ...
إنه يعمل بنفس مجال تجارة زوجي ، لقد أخبرني زوجي بأنه أصبح من كبار التجار في مجاله" ... فتقاطعها خديجة : " يا حسناء أتذكرين أنه لم يكن على هذا القدر من الخلق الذي يجعلني أقبله ، وحين قبلت زوجي هذا كان ملتزماً بدينه عارفاً بكتاب ربه و لا يزال " ...
تحاول حسناء مقاطعتها إلا أن خديجة تستمر في الحديث " يا أختاه إني راضية بما قسم الله لي ، ولو عادت بنا الأيام لاخترت ما اخترت " ...




حسناء الأخت التي لا تهتم سوى بزينتها و ملابسها وسيارتها الفارهة ... ماذا جنت حديث يدور في خلدها وخديجة تتحدث إليها ...
زوجها التاجر الذي يأتيها كل ليله وعبق الليالي الحمراء يفوح منه كرائحة نتنه ... ماذا جنت من مال زوجها وماذا أخذت من كونه تاجراً ؟ ...
أهي أفضل حالا أم أختها خديجة ؟؟؟ سؤال ألح على عقلها ... تستأذن فجأة للانصراف بحجة أنها قد واعدت محلا مشهورا كانت قد ذهبت إليه من قبل ليحضر لها فستانا و اليوم هو موعد استلام هذا الفستان ...
تحاول خديجة إثنائها للبقاء حتى الغذاء فتجيب أنها بعد ذلك ستلتقي بزوجها الذي سوف يأخذها للغذاء في المطعم المعروف ...
و يا ليتها صدقت فيما قالت لأختها خديجة ...

أتي المساء وحان لقاء آخر ... بعد يوم قضته خديجة بين عمل البيت و بين الصلاة وتلاوة القرآن ... و بالطبع لقاء أختها حسناء التي لم يؤثر كلامها فيها ... جلست إلى جواره ملتصقةً به غابت المسافات وذابت الحدود ... وضعت رأسها برقة على كتفه ... مد يده لتستقر على كتفها ... ضمها إليه بحنان ... ثم فتح كل منهما مصحفه ... الذي كانا قد أحضراه لهذا اللقاء ... لقاء كل ليلة ... فقد أعتادا ألا يناما إلا بعد أن يتلون آيات الله البينات ... تنظر إليه بعينها البراقتان الساحرتان ... و الخشوع و الإيمان قد ارتسم على وجهها ... تطلب منه أن يريها كيف تتلو هذه الكلمة من كتاب الله ...
هذا المساء لم يكن كأي مساء ... أحست خديجة بألم في صدرها ... شعر به زوجها الذي كان مستغرقا في التلاوة ... فالتفت إليها سائلا " ما بكي؟"...
قالت " ليس بالأمر العظيم لعلها لفحة برد " ... فأجابها " هيا بنا نذهب إلى طبيب " ... قالت " لا سيكون الحال أفضل في الصباح ، لكني أشعر بحاجة إلى النوم الآن " ... تحاول أن تداري الألم كي لا تقلق عليها زوجها ، فهي تعلم مقدار حبه لها ... تستلقي وقد زاد الألم في صدرها ... تحاول أن تداري ما لا تعرف له سبب في إيلامها ... فكل ما تعرفه أنه ألماَ أحل بصدرها ... و قد استطاعت فعلا أن تخفي هذا الألم الرهيب بصدرها ... نام الزوج ... حاولت هيا أن تخرج من بين زراعيه كي تتألم دون أن يشعر بها ... مرت الساعات والألم لا يفارقها ... تغفو وتستيقظ على ألم ... ثم تغفو وتستيقظ و الألم لا يفارقها ... أيقظت زوجها ... فظن أنه موعد الصلاة إلا أنه وجدها تتحدث إليه وهي مستلقية وصوتها لا يكاد يغادر فمها ... تقول له" حبيبي وزوجي ، أراض أنت عني ؟" ...
فيجيبها " نعم ، ماذا بكي ؟ " سؤال لم يكد ينهيه حتى طلبت منه أن يضمها إلى صدره ... بصوت مخنوق تقرأ " يا أيتها النفس المطمئنة أرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وأدخلي جنتي" ...




حل الصمت سكتت أنفاسها ... فارقت الحياة وهي بين زراعيه .... يضمها إليه ... يهزها ... ينادي عليها ... لا تجيب ... يشعر انها قد .... لا يريد أن يعترف ... ينادي عليها ثانيا وعاشراً ولا تجيب ...
يضع رأسها على وسادتها وقد أغرقته دموعه ... وجهها مبتسم ... نور بوجهها يخطف الأبصار ... ريح زكية أحلت بالغرفة ... ينظر إليها وهي ملقاة على فراشها وقد ماتت حبيبته ... يشعر أن يداً من حديد قد أمتدت لتخترق صدره ممسكة بقبله ... تعصره عصرا ... ولا يجد سوى كلمة تخرج من فمه دون ما يشعر يكررها مراراً و مراراً " إني راض عنك ، إني راض عنكي ، إني راض عنكي"
منقوووووووووووووووووووووووول