| 0 التعليقات ]

تقدّم جمعية "رسالة" بالمهندسين مجموعة من البرامج التدريبية خلال الإجازة الصيفية المقبلة، حرصاً من الجمعية على التواصل لخدمة المجتمع وتأهيل الشباب وتزويدهم بمهارات حياتية قيّمة.

أوضحت سماح محمد يوسف -مسئول مركز الكمبيوتر بالجمعية- أن "رسالة" تقدّم مجموعة من البرامج التدريبية للشباب مجاناً في مجالات الكمبيوتر والتنمية البشرية واللغة الإنجليزية، وأشارت إلى أن مجال الكمبيوتر يشمل التدريب على برامج "أوفيس" و"أوراكل" وبرمجة الشبكات والجرافيك والفوتوشوب؛ وذلك من خلال مواكبة التطوّرات في علوم الكمبيوتر ونُظم المعلومات.

وأضافت أن برنامج اللغات يشمل تدريس اللغة الإنجليزية من خلال ستة مستويات، يشتمل عليها منهج "بيرليتز" الذي يتم تدريسه في جمعية "جيل المستقبل" أيضاً، ولفتت أن الطالب بعد اجتيازه هذه المستويات ينتقل إلى مرحلة المحادثة التي تشمل 8 مستويات، وبعدها يصبح الدارس محترفاً في اللغة الإنجليزية، ويستطيع أن يمارس بها الأعمال التي تعتمد على اللغة الإنجليزية.

وأكّدت "سماح" أن المدرسين بالجمعية كلهم متطوعون وعلى كفاءة عالية في التدريس، وقد تمّ تأهيلهم لتدريس التخصص المطلوب منهم جيداً قبل التحاقهم بالتدريس أما مدربو التنمية البشرية؛ فأغلبهم متطوّعون من مركز "زدني للتنمية البشرية"، وكلهم خبراء معتمدون مثل أسامة الجوادي ومحمود أمين ومحمد شاكر ومحمد زكريا.

وهناك بعض البرامج التدريبية الأخرى بالجمعية مثل برنامج "عايز أشتغل"، وهذا البرنامج مُدّته شهر ونصف، ويكون عادة في الإجازة الصيفية لتأهيل ذوي الثقافة المحدودة والاستعداد غير الكافي للالتحاق بالبرامج التدريبية الأخرى، وهذا البرنامج يساعد الشباب على كيفية الاستفادة بدرجة كبيرة من البرامج والخدمات التدريبية التي تُقدّمها الجمعية.

ولم تقف خدمات "رسالة" التدريبية عند هذا الحد؛ بل امتدّت ليكون هناك كورس التأهيل الوظيفي، ويشمل تدريس برنامج الأوفيس والإنجليزي بمستوياته الست والمحادثة ومدته شهر ونصف، كما يشمل تدريس مهارات الاتصال وإدارة الوقت والتخطيط وميزته أنه يمثّل منظومة متكاملة من المؤهلات المطلوبة لسوق العمل، وهذا الكورس تبلغ مُدته شهراً ونصف خلال الإجازة الصيفية.

وهناك نشاط آخر يُسمى "هاتغير بشكل أكيد"، وهو عبارة عن يوم تدريبي يوافق 25 يونيو الجاري؛ حيث يقوم المتطوّعون خلاله بقافلة مساعدات إلى إحدى القرى الفقيرة بالجيزة، وسيخرج معهم بعض مدربو التنمية البشرية ليعلّموهم كيفية التعامل بشكل لائق مع المحتاجين وتلبية مطالبهم وبعض مظاهر التعامل والتواصل والتفاعل الاجتماعي المثمر.

وأكّدت "سماح" أن من يلتحق بنشاط "هاتغير بشكل أكيد" ستكون له الأولوية للالتحاق بالبرامج التدريبية الصيفية الأخرى.

وأشارت أن وسائل الحجز بالبرامج التدريبية الصيفية يكون من خلال التقدّم لمركز الكمبيوتر بالجمعية أو من خلال قسم الدعاية بالجمعية أو من خلال الاتصال بـ(0100087618) أو (0106185031).

ووجّهت إيمان عامر -إحدى المتطوعات لتدريب الكمبيوتر- عدة نصائح لمن يرغب من الشباب في التقدم للبرامج التدريبية بالجمعية؛ منها الاستعداد لقبول العلم؛ مع التحلّي بالصبر والمواظبة على التحصيل، ولا بد أن يستحوذ كل هذا على حماس المتدرب على تلقي العلم، وأن يتحلى المتدرّب بروح المشاركة وطلب العون والاستفادة والاستفسار عما لا يفهمه من زملائه أو مدربيه.

| 0 التعليقات ]

.محمد المهدي -استشاري علاج  زواجي  ورئيس قسم الطب النفسي – كلية طب دمياط - جامعة الأزهر

أنماط من الشخصيات يجب الانتباه إليها عند الزواج:
ولما كان موضوع الاستشارة يعتمد أساسًا على الآخرين وأمانتهم وبصيرتهم, ونظرًا لاحتمالات الخداع في هذا الجانب بسبب ضعف التواصل بين الناس وعدم معرفتهم ببعضهم بدرجة كافية حتى ولو كانوا جيرانًا متقابلين في عمارة واحدة أو حتى أقارب, لذلك يصبح للمقابلة الشخصية أهمية كبيرة في قرار الزواج لأنها رؤية فعلية للآخر دون وسيط (خادع أو مخدوع أو مجامل).

ولكن هذه الرؤية أو المقابلة الشخصية المباشرة تحتاج لعلم ومهارة لكي نتمكن من فهم مفاتيح الشخصية وتحديد نمط سلوكها الحالي والمستقبلي. وقد أصبح هذا ممكنًا بناءً على الدراسات المستفيضة في العلوم النفسية بحيث تم تقسيم الشخصيات إلى أنماط لها خصائص محددة ومفاتيح تسهل قراءتها إلى حد كبير. والناس كثيرًا ما تتجمل وتلبس أقنعة ولكنهم لا يستطيعون طول الوقت أن يُخفوا صفاتهم الحقيقية كلها فتفلت منهم أشياء تسهل قراءة بقية السمات التي حاولوا إخفاءها بقصد التجمل أو الخداع, خاصة إذا تكررت المقابلة أكثر من مرة قبل بداية الخطوبة أو أثناء فترة الخطوبة. وهناك مجموعة من الشخصيات يصعب جدًا التعايش معها, ومجموعة أخرى من الشخصيات يمكن التعايش معها مع وجود بعض المتاعب والمشكلات وسنوضح ذلك فيما يلي ليكون مفتاحًا مهمًا في يد المقبلين على الزواج وذويهم ولنقلل من احتمالات الخداع لأقل درجة ممكنة

                                                                            ثانياً:
                                    شخصيات يمكن التعايش معها مع بعض المتاعب والمشكلات

1. الشخصية الوسواسية (المدقق – العنيد – البخيل):
والشخص الوسواسي يلتزم التزاماً صارماً بالدقة الشديدة والنظام الحرفي في كل شيء ويهتم بالتفاصيل الصغيرة ولا يدع أي شيء دون مناقشته وبحثه بشكل مرهق، وهو عنيد لا يتنازل عن شيء ولا يتسامح في شيء, وهو حريص وحرصه يصل أحياناً لدرجة البخل, وعقلاني لا يولي المشاعر اهتماماً. وعلاماته في فترة الخطوبة أنه يسأل عن كل التفاصيل ويعمل لكل شيء ألف حساب ويكون ممسكاً جداً في الإنفاق وفي الهدايا, ومشغولاً بحساب كل شيء. وبخل الوسواسي لا يتوقف عند المال فقط, فكما أنه بخيل مادياً فهو بخيل عاطفياً لا يعبّر عن مشاعره ولا يحوط شريكة حياته بعواطفه فالحياة لديه جافة وعقلانية ومحسوبة بدقة.
وربما يسأل سائل: وما فائدة الحياة معه إذن, ولماذا يتحمله شريكه أو شريكته؟
والإجابة هي أن الوسواسي على الرغم من صفاته السابقة إلا أنه إنسان منظم, دقيق, ذو ضمير حي يحاسبه على كل صغيرة وكبيرة, ولديه شعور عالٍ بالمسئولية, ويعتني بعمله عناية فائقة وينجح فيه, ويعتني أيضاً باحتياجات أسرته (المادية) في حدود رؤيته لهذه الاحتياجات (الأساسية فقط), وهو حريص على استمرارية الأسرة لأنه لا يميل للتغيير كثيراً ولا يهتم بإقامة علاقات عاطفية خارج إطار الزواج, فهو زوج محترم ومسئول على الرغم من بخله وجفاف عواطفه.

2. الشخصية الحدية (المتقلب في مشاعره وعلاقاته وقراراته وعمله):
هذا الشخص (سواء كان رجلاً أم امرأة) نجده شديد التقلب في مشاعره فهو يغضب بسرعة ويهدأ بسرعة ويفرح بسرعة ويتقلب بين المشاعر المختلفة بشكل عنيف في لحظات قصيرة. والناس يصفونه بأنه سريع الانفعال ولكنه يمكن أن يهدأ سريعاً "فقلبه طيب", ولكن في الحقيقة هذا الشخص يدمر أشياء كثيرة مهمة في حياته أثناء لحظات غضبه ولذلك يمكن أن يخسر صديقاً عزيزاً أو زوجة مخلصة أو عملاً مهماً.

وهذا يجعلنا نتوقع تقلبات موازية في العلاقات بالآخرين فعلاقاته لا تستمر كثيراً, وأيضاً في العمل نجده ينتقل من عمل لآخر ولا يستقر على شيء, وهذه علامات يمكن معرفتها من تاريخه الشخصي ويمكن أيضاً رصدها في فترة الخطوبة. وصاحب هذه الشخصية (أو صاحبتها) يمر كثيراً بفترات اكتئاب، ويمكن أن تراوده أفكار انتحارية, وبعضهم يلجأ لتعاطي المخدرات في محاولة للسيطرة على تقلباته الانفعالية واضطراب علاقاته الإنسانية واضطراب مساره في العمل.

3. الشخصية السلبية الاعتمادية (ابن أمه – أو بنت أمها):
هذه الشخصية لا تستطيع اتخاذ قرار أو عمل أي شيء بمفردها بل تحتاج دائماً للآخرين في كل شيء, فليس لديها القدرة على المبادرة أو القدرة على التنفيذ؛ وإنما هي تعمل فقط بتوجيه من الآخرين، وأحياناً لا تعمل على الإطلاق وتنتظر من الآخرين العون والمساندة طول الوقت. وهو إن كان شاباً نجده يأتي للخطبة مع أمه وهي تتحدث بالنيابة عنه طول الوقت, وفي زياراته التالية لا يستطيع البت في أي شيء دون الرجوع لأمه (أو أبيه أو أخيه الأكبر). فلا بد من وجود أحد في حياته يعتمد عليه، وإن كانت فتاة نجد أمها تحركها كما تشاء وتسيطر على علاقتها بخطيبها أو زوجها فتتدخل في كل شيء في علاقتها.

وهذا الشخص في حالة كونه زوجاً يحتاج من زوجته أن تقوم بكل شيء وتتحمل مسئولية الأسرة ويصبح هو في خلفية الصورة دائماً، وهذا يشكّل عبئاً على الزوجة إضافة إلى إحساسها المؤلم بضعف زوجها وسلبيته, ومع هذا نجد أن هذ الزوج مطلوب جداً من المرأة المسترجلة قوية الشخصية لأنها ترغب أن تكون هي الأقوى في العلاقة الزوجية.

4. الشخصية الاكتئابية (الحزين - المهزوم - اليائس):
وهو (أو هي) شخصية كئيبة لا ترى في الحياة إلا الآلام والدموع والبؤس والشقاء والمشاكل, ويرى نفسه سيئاً والحياة سيئة والمستقبل مظلماً. وهذا الشخص نجده دائماً يتحدث عن المصاعب والمشكلات والمعوقات والمآسي, وهو غير قادر على المبادرة أو المثابرة, بل ينهزم سريعاً أمام أية مصاعب وييأس بسرعة. وهذه المشاعر الكئيبة اليائسة تنتقل إلى من يتعامل معه فيشعر معه بهذا البؤس واليأس ويعيشان معاً في جو من الكآبة والهزيمة والتشاؤم. وفي هذا الجو لا نتوقع إنجازات كبيرة ذات قيمة لأن الشخصية الاكتئابية تعيش حالة من العدمية لا تسمح كثيراً بالنجاح والتميز.

 5. الشخصية النوابية (تقلبات المزاج الدورية):
هذا الشخص نجده لعدة أيام أو أسابيع (وأحياناً شهور) مرحاً منطلقاً نشيطاً ومليئاً بالحيوية والأفكار، ثم يتبع ذلك فترة نجده وقد انقلب حزيناً منطوياً يائساً ومتردداً. وهكذا تستمر حياته بين تقلبات المرح والاكتئاب. وهذه الشخصية منتشرة بين المبدعين والمفكرين, وهي شخصية ثرية وساحرة ومتعددة الألوان والمستويات؛ ولكنها تحتاج من الطرف الآخر جهداً كبيراً لمواكبة هذه التغيرات النوابية من النقيض إلى النقيض.

6. الشخصية فصامية الشكل (غريب الأطوار والأفكار):
هذا الشخص نعرفه من ملابسه المختلفة غير المتوافقة مع المجتمع الذي يعيش فيه حيث تتسم بالغرابة, وأيضاً أفكاره وكلامه نجد فيه نفس الغرابة فنجده مثلاً يهتم بشيء هامشي ويعتبره قضية محورية (مثل ثقب الأوزون أو مثلث برمودا أو أنواع معينة من الكائنات أو الأطباق الطائرة أو الظواهر الخارقة للعادة). وسلوكه أيضاً يتسم بالغرابة ولهذا يصفه الناس بأنه غريب الأطوار "لاسع"، "مخه ضارب" على الرغم من أنه ليس مجنوناً. ومن السهل التعرف عليه في فترة الخطوبة من خلال آرائه الغريبة واهتماماته الهامشية وملابسه وكلامه وجلسته.

وهذا الشخص يكون أكثر قابلية للإصابة بمرض الفصام, وهو يميل إلى العزلة؛ حيث يعيش عالماً خاصاً به يشكّله من أفكاره وتخيلاته الذاتية، ومع هذا لا يفقد صلته تماماً بالواقع فهو يتصل به على قدر حاجته الضرورية منه.

هناك سؤال يردده كثير من الناس:
ما هو فارق السن المثالي بين الزوج والزوجة؟
 وللإجابة عن هذا السؤال نستخدم نتائج الإحصاءات حول التوافق الزوجي؛ فقد وجد أن أفضل فارق في السن هو أن يكبر الرجل المرأة بـ 3– 5 سنوات, ولكن حين يزيد هذا الفارق عن 10 سنوات تبدأ علامات عدم التوافق في الظهور, لأن فارق أكثر من 10 سنوات ربما يجعل كلاً من الزوجين ينتمي إلى جيل مختلف تماماً، وبالتالي تختلف اهتماماتهما وأفكارهما بشكل كبير ربما يجعل التفاهم والتوافق يمر ببعض الصعوبات؛ فالفتاة الصغيرة ترغب في المرح والانطلاق والاستكشاف في حين يميل زوجها العجوز إلى الجدية والهدوء والتأمل والاستقرار, هذا فضلاً عن الفوارق في الاحتياجات العاطفية والجنسية.

وقد خطب أبو بكر وعمر رضي عنهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إنها صغيرة", فخطبها علي رضي الله عنه فزوجها منه.  رواه النسائي.

وقد يقول قائل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة وكان يكبرها بكثير, والإجابة هنا أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصيته المبنية على كونه رسولاً وأيضاً على خصائصه الشخصية المتفردة, وقد اتضح ذلك بعد زواجه من السيدة عائشة حيث كان قادراً على إسعادها بكل الوسائل؛ فكان يسابقها ويلاعبها ويمازحها ويلطف بها وكانت هي غاية في السعادة بزوجها العظيم رغم فارق السن.

وهذا يجعلنا نقول إن القاعدة العمرية -على الرغم من أهميتها- لها استثناءات في ظروف بعينها، كما سنرى لاحقاً.

وللحديث بقية..

| 0 التعليقات ]

كان يا مكان في هذا العصر والأوان بنت أمورة اسمها "برايد" بقالها مدة بتدوّر على عريس، أيام ورا أيام، وشهور ورا شهور، وسنين ورا سنين، لحد ما أخيراً وصلت لنتيجة واضحة، مصر كلها عقمت عن إنها تنجب 3 أشخاص: نائب لرئيس الجمهورية، مدرب ينجح مع نادي الزمالك، وعريس لـ"برايد".


دي حدوتة بنت بتمثل 15 مليون بنت من سن 25 إلى سن 35، واللي بيضغط عليهم المجتمع كل يوم عشان يتجوزوا، مع إنه مش بإيديهم إنهم لسه قاعدين.

غادة عبد العال من مدونتها وكتابها "عاوزة أتجوز"




باختصار ومن غير "فذلكة" إحنا بنتكلم عن "العنوسة"؛ لا بلاش الكلمة دي لاحسن فيه ناس عندها حساسية منها؛ أو في مقولة أخرى -ووفقاً لمصطلحات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء- "اللائي تأخرن في سن زواجهن عن سن الـ30"... أييييوه عن هذا الرقم النحس نتحدث (30)، بقرونه المخيفة وصفره المتين المدوّر الذي يذكّر الفتاة المسكينة بأنها بعد ما زالت خارج الخدمة، ولكن عادة ما تمرّ الآنسة المودموازيل الأستاذة العانس بعدد من المراحل قبل ما توصل بسلام لهذا الرقم المشئوم.

مرحلة "أقعد في بيت أهلي آكل لقمة وأرمي عشرة"


"ليه المجتمع محاصر البنت في صورة العروسة مهما حصلت على مؤهلات علمية أو أخذت مناصب؟ هو ما ينفعش البنت تقعد كده لحد ما تموت؟ أنا عارفة إن الجواز نصّ الدين بس إحنا لو ما اتجوزناش إيه اللي هيحصل لنا؟ مجتمع غريب.. اشمعنى في الدول المتقدمة مش بيفكّروا في حكاية الجواز؟ يعني هم أكيد بيفكروا لكن مش بيخلوا الموضوع ده شغلهم الشاغل، هتقولوا عليّ إن أنا بنت غريبة.. أنا أصلاً ما بافكّرش في الجواز إطلاقا، لا دلوقتي ولا بُكرة، ما أنا عايشة كده والحياة فُلّلي".

من قارئة لباب "سؤال محيرني"






حطي قلبك في "التلاجة" وحبي الوطن والمجتمع والناس وقبلهم نفسك
حطي قلبك في "التلاجة" وحبي الوطن والمجتمع والناس وقبلهم نفسك


بتفضل البنت مننا بعقلها وكمالها، تذاكر جامد في الثانوية العامة، وكلنا عارفين إن يدوبك 2 ولا 3 ولاد اللي بيكونوا من أوائل الجمهورية والباقي كلهم بنات طبعاً، يدخلوا على الجامعة وياخدوا البكالوريوس، والغريب إن المدرج برضه بيكون 80% منه بنات؛ يعني يا دوب 4 لكل واحد!

وأيام الجامعة مش هنتكلم على نظرات الحقد اللي بتاخدها البنت المرتبطة، ولا اللي في إيدها دبلة، ومش هاقول لكم برضه على جملة "مش هتتجوز غير لما تخلّص تعليمها الأول"، وما حدش طبعاً فاهم إن التعليم عمره ما بيخلص، والمفروض إن الإنسان يفضل طول عمره يتعلم ويطوّر من نفسه، بس إحنا بنحب نخلّصه بدري أو بنعمله في وقت فراغنا، وعشان كده هي بتخلّص وتستنى تشتغل.. ما فيش شغل، تستنى العريس.. ما فيش عريس، تقرر إنها تعمل دراسات عُليا، بسرعة خدت الماجستير، وبعدها الدكتوراه، واشتغلت، وبعدين كل الناس هتبصّ لها وتسألها: متجوزة؟ مخطوبة؟ متكلمين عليكِ؟ طيّب عقبالك يا حبيبتي!.

تبدأ تحسّ إنها ما عملتش أي حاجة في حياتها، وتبصّ في المراية فتلاقي نفسها بتكبر لوحدها، وتبدأ حاجاتها البيولوجية تلحّ عليها وأهمها إنها تكون أم، والحياة ما بقتش فُل، دي بقت ضايعة هدر، وحتى الدرجة العلمية اللي أخدتها لم تضف أي شيء في حياتها؛ غير إنها قلّلت فرصها في عريس مناسب، ما هو لازم العريس اللقطة يكون على الأقل معاه دكتوراه وعربية 128 وشقة في الشروق وإلا هيبقى مش من مستواها.

والسبب الحقيقي وراء إحساسها ده هو ضغط المجتمع والزنّ على الودان، وبعد ما كانت البنت حاسة بالاكتمال ومتحققة بدون جواز ولا غيره، وحاطّة قلبها في "تلاجة" أو موجهة طاقاتها العاطفية لأهلها والناس من حواليها، فتبدأ بالإحساس بالنقص، وتقوم داخلة بقلب جامد على المرحلة اللي بعدها.

مرحلة "جوازة الندامة ولا قعدة الخزانة"


"أنا بنت عندي 24 سنة وزهقانة جداً من الحياة اللي أنا عايشاها دي، اتخطبت لابن عمي، وأنا ما كنتش موافقة عليه؛ بس من باب إرضاء أمي وافقت، بس للأسف طلع بيكذب وبيشرب وبيعمل علاقات مع بنات سيئة، وأهم حاجة عنده نفسه وبس.. مغرور ومتكبر وعنده منطق غريب للخطوبة؛ هو إنه من وقت ما اتكلم عليّ وأنا وافقت واتخطبنا وأنا مراته، يا ترى أكمّل معاه؟ والحاجات دي ممكن تختفي مع الوقت وأهرب من شبح العنوسة اللي أمي خايفة منه، وبصراحة أنا كمان خايفة منه، ولا أعمل إيه؟".

من قارئة لباب "سؤال محيرني"



البنات خايفين من شبح العنوسة، وعاوزين يتجوزوا، مش عيب يعني ولا حرام، وزي الغنوة ما بتقول: "مهما تقولوا لنا عليه.. رجلينا رايحة إليه واللي يحبّ الحلاوة.. لا بد يلسع إيديه.. لا بد من بعض نار.. ونصّ درهم مرار.. ولما ييجوا الصغار.. القلب ترقص عينيه"، وبصراحة لقب مطلقة بقى أرحم كتير من لقب عانس، الاثنين نار بتكوي الست مننا، بس إيش رماك على المُر؟! لكن يا ترى فعلا جوازة الندامة أحسن من قعدة الخزانة! وصديقتنا صاحبة المشكلة اللي فوق دي المفروض تقول عصفور في اليد ولا عشرة على الشجرة، وتمسك في ابن عمها بإيديها وأسنانها وتهرب من شبح العنوسة زي ما بتقول؟!

أصل أنتم ما تعرفوش.. البنت مننا بييجي عليها عيد ميلادها الثلاثين وبيصيبها اكتئاب حاد ومزمن، وتعدّي من على كوبري قصر النيل، وتبص للمَية وتشاور عقلها زي ما "أخينا في العنوسة" عمل من كام يوم، ما هو أصل برضه مهما الواحدة مننا خدت شهادات ونجحت في شغلها، بيفضل أكبر حلم عندها إنها تلاقي رجل بجد يشاركها كل حاجة، ويكمل بنقصه نقصها ويكملوا بعض.. زي الأول خالص قبل ما حوّاء تتخلق من ضلع آدم، وقبل ما يخرجوا سوا من الجنة.. الواحدة مننا بيتهيأ لها إن هي دي الجنة.

ده الرسول صلى الله عليه وسلم اللي قال: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عظيم"، وحتى المادة الـ16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتقول إن للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله. وأنه لا يبرم عقد الزواج إلا برضا الطرفين الراغبين في الزواج رضاً كاملاً لا إكراه فيه، وأن  الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.

يعني العنوسة ضد حقوق الإنسان.. وبكرة تلاقوا العوانس -رجالة وستات- معتصمين على رصيف مجلس الشعب!!

حسيتي كأنك بضاعة مش روح ولحم ودم
حسيتي كأنك بضاعة مش روح ولحم ودم
مرحلة كيف تصطادين عريساً  
وبعد اجتماعات مكثفة وجلسات طارئة مع الأم تخرجين جاهزة بكل الأدوات اللازمة لصيد العرسان اللي صيدهم غير صيد أي حيوان (إيه الإنسان أصله حيوان بس حيوان ناطق) يعني لازم له تكتيك وتخطيط وتطبيق حرفي لنصائح الأم، وأهمها:

اهتمي يا حبيبتي بشكلك شوية، لو تخينة خسّي، ولو رفيعة اتخني، ولما تخرجي لازم تكوني على سنجة عشرة، واحضري مناسبات اجتماعية كتير وخصوصاً أفراح ولاد خالتك، ما تتكلميش مع أي واحد تقابليه بسهولة، الراجل بيحب اللي تعذّبه وبيبعد عن البنت السهلة، واوعي تُظهري إعجابك، واتأخري في ميعادك معاه، وطول ما إنتي قاعدة اتلفّتي يمين وشمال، وطبعاً قولي له إنها أول مرة تقابلي حد بدون ما أهلك يعرفوا، وإنك ما تقبليش غير إن الميعاد الثاني يكون في صالون البيت.

أصحابك وعيلتك هيعملوا محاولات لتسويقك، عزومات ملفّقة.. تمثيل، صحيح إنتم الاتنين بتكونوا عارفين.. بس ضمنياً.. إنتم بتعملوا نفسكم مش عارفين، وخصوصاً لو واحد فيكم ما عجبش، هيقولوا جواز صالونات.. جواز بلكونات.. ولا يهمّك.. هي أمك وأمي وجدتك وجدتي اتجوزوا إزاي؟! وعلى رأي المثل "قرد يسليني ولا غزال شارد"!.
ولو فشلت الصالونات.. عليكِ بالشركات.. وفي مواقع كمان.. وإعلانات في الجرائد والمجلات.

إييييه؟ قاطعتيني ليه؟ أنا لسة ما كملتش.. إيه؟ حسيتي كأنك بادي كارينا بيتحدف في الهوا على رصيف شارع القصر العيني على طريقة "قلّب يا كابتن" الشهيرة.. والناس رايحين جايين تقليب وتفحيص وتمحيص.. وإنك بضاعة مش روح ولحم ودم.. حلو يبقى وصلتي بالسلامة.. انزلي لي بقى تحت..

في الزواج.. البساطة  هي الحل
في الزواج.. البساطة هي الحل
يا ترى الطريقة دي هي الطريقة اللي ممكن نختار بيها شريك لحياتنا كلها، وهو الجواز جواز والسلام، بدون مسئولية، وبدون مقومات وبدون تفاهم،  تصدقي إن  الإحصائية اللي أصدرتها جمعية المأذونين الشرعيين في مصر بتقول إن 52% من حالات الطلاق في مصر تتم بين المتزوجين حديثاً، وده كله سببه الجواز غير المدروس، أو القائم فقط على الأشياء المادية دون الالتفات للأخلاق والدين والإحساس بالمسئولية والتفاهم بين الطرفين.

إن الفطرة السوية تقضي بميل الفتاة للزواج وللإنجاب مثل الرجل تماماً وربما أكثر، وهذا عادة ما يكون في مرحلة النضج (من 20 - 35)، ولكنها لا تجد من يرتبط بها؛ لأن الشاب لا يستطيع في ظل الظروف الحالية أن يوفّر ثمن شقة وأثاث وزفاف؛ فيقرر أن يسافر ليكوّن نفسه.

ولتتكوم هي على نفسها.. وحيدة تعاني من العُقَد التي خلّفتها فكرة العنوسة بداخلها، أو تتزوج برجل يكبرها بييجي 20 سنة، وهكذا يسرق كل جيل أحلام الجيل الذي يليه، أو تنتشر العلاقات المحرّمة التي غالباً ما تتحمل الفتاة وحدها ضررها، إشي ضياع السمعة وإشي فقدان عذرية وإشي حمل غير شرعي وسلم لي على الاستقرار...

إيه اللي يمنع ولد وبنت إنهم يتجوزوا ويستقروا؟ الولد ولّا البنت ولّا الأهل! لو سألت البنات ممكن يقولوا: "ما عادش فيه رجالة!"، ولو سألت الولاد هيقولوا لك: "إزاي أروح أتقدّم.. وأنا يا دوب باكفّي نفسي؟!".. حقهم! مع إن الاتنين ممكن يتجوزوا فعلاً ويعيشوا مع بعض، خصوصاً لو هم الاتنين بيشتغلوا وبيصرفوا على نفسهم، ده حتى أجرة المأذون مش غالية، ولو خدوا شقة إيجار جديد مش هتكون مشكلة أبداً إنهم يدبّروا إيجارها، ويجيبوا فرش بسيط، وممكن أصحابهم بالهدايا يكمّلوا لهم الناقص، وكفاية دبلة عشان تعلن للدنيا جوازهم، مع حفلة بسيطة.

لكن مين بيعمل كده عندنا؟ طب المشكلة في عقول الناس اللي بتفكر في عدد الأساور وحجم القاعة وشكل الفستان والفرش الأمريكاني، وبتضيع أحلى سنين العمر من 20 : 30 سنة، وهي بتشتغل ليل نهار عشان تجيب شوية أطباق وكوبايات عشان تملا بيهم النيش، ولا في إيه بالظبط؟!!

من واقع تجاربكم الشخصية قولوا لنا..  

إيه اللي محتاجاه البنت عشان تتجوز.. فلوس.. بيت.. ولّا راجل؟

وليه لما بييجي الراجل بيترفض عشان البيت.. والفلوس؟

وتعمل إيه البنت لو ما جاش عرسان؟

ومين السبب وراء ده كله؟

| 0 التعليقات ]

أنا آنسة عندي 22 سنة.. اتخرجت من سنتين وباشتغل حالياً في مدرسة لغات.

وأنا في الكلية اتخطبت لزميل ليّ بعد قصة حب دامت 6 سنين، ولم يعكّرها سوى خلافات عادية بين أي اتنين؛ ولكنها -ونظراً لحكمة من الله عز وجل- لم تكتمل وانفصلنا، وبعدها عشت أصعب فترة في حياتي، واعتقدت بيني وبين نفسي إني مش هاقدر أحب بعده.

مشكلتي بتتلخص في إني متقدم لي حالياً واحد.. هو يبقى أخو زوج صاحبة ماما في الشغل، هو بيشتغل في شركة كويسة، وصاحبة ماما رشحتني ليه لأنها تعرفني من زمان؛ لكن هو ما شافنيش، هو مسافر تبع الشغل في السعودية، وهيقعد فترة، وهم طلبو إن أخته تيجي تشوفني ولو كده أتعرف عليه عن طريق النت ونتكلم، ولو حصل قبول وكده أخته هتجيب لي دبلة وينزل على الصيف اللي جاي يجيب لي شبكة ونتجوز على طول.. وده معناه إنه لا هيشوفني ولا أشوفه إلا ساعة الجواز.

أنا عاجبني مركزه وشغله؛ بس خايفة من الطريقة دي!! أتخطب لواحد عمري ما شفته على الحقيقة، كلها صور على النت وكلام، وهو كمان عمره ما شافني!! وفي نفس الوقت خايفة لو طلبت إنه ييجي يخطبني وبعدين يسافر هتبقى هي هي نفس المشكلة إنه برضه مش هيبقى معايا ومش هاحتكّ بيه ومش عارفة أردّ أقول إيه.

وخايفة تكون فرصة وباضيّعها عليّ وماما نِفسها تفرح بيّ.. هي صعبانة عليّ أكتر من نفسي والله.

ساعدوني؛ لأنهم مستعجلين على الرد أرجوكم
.

meno


أولاً أحييكي على إدراكك أن عدم استمرار قصة ارتباطك الأولى؛ إنما مردّه بالأساس لحكمة يعلمها الله، وهكذا مردّ معظم الأمور في حياتنا، دائماً لحكمة لا يعلمها إلا الله عزّ وجل.

ثانياً أنا بالطبع متفهّم لخوف والدتك عليك وهو خوف مبرر وأتفهم أيضاً رغبتها في إتمام زواجك حتى يهدأ بالها وتطمئن عليكِ، والهدف لا شكّ نبيل؛ ولكن الوسيلة نفسها يحوم حولها عدد من علامات الاستفهام.

المشكلة لا تكمن في كونه يعمل بالخارج؛ فهذه الظروف شائعة ويمكن التعايش معها؛ ولكن الطريقة التي يسعى هو إلى إتمام الزواج بها طريقة لا تصلح للزواج؛ بل للشراء.. ولنناقش بالمنطق وبالهدوء التالي:

أولاً: فكرة أن تَراكِ أخته و"تعاينك"؛ فهذا يعني أنها تُعاين بضاعة، تُعاين جسداً ولا تُعاين روحاً لأنه لو كان مهتماً فعلاً كي يتعرف على الروح التي سيعيش معها لنزل هو بنفسه، وبالتالي فهو يُنيب أخته عنه في المهمة السهلة وهي معاينة الشكل.

ثانياً: هناك حالة من اللامبالاة من قِبَله في مسألة الزواج لا أرتاح لها؛ ففكرة أن تشتري أخته أو أمه الدبلة وترتديها مع نفسك؛ بينما يتسلم هو العروسة على المفتاح؛ فتلك فكرة رخيصة نوعاً ما، وفيها قدر من المهانة، ويسيطر عليها الطابع الخليجي التقليدي في الأفلام عندما يقول العريس البترولي لعروسته (أنا مش هاخلّيكي ناقصك حاجة وهاملأ لك التلاجة كل يوم).

ثالثاً: فكرة التعارف على الإنترنت هي فكرة فاشلة بالدرجة الأولى؛ لأنه عادة ما يشوبها الاصطناع وتفتقد لكثير وكثير من عناصر التواصل ويسقط منها أشياء كثيرة لا يمكن قياسها من خلال الإنترنت، مثل سرعة الانفعال وطريقة النقاش، مدى احترامه للمرأة ككائن أُنثوي يجب الحفاظ عليه.. إلى آخره من أشياء لا يمكن قياسها إلا من خلال التواصل المباشر.

النقطة الأخيرة والتي أخشى منها بشكل خاص، هي فكرة أن تسافرا سوياً مباشرة عقب الجواز الذي لم يسبقه أية معرفة بينكما وتكونين وحدك في الغربة مع شخص لا تعرفينه ولا تعرفين طباعه ولا تعرفين أي شيء عنه.. أنا هنا لا أتحدث عن ضرب أو إهانة؛ وإنما أتحدث عن تعامل، عن أسلوب نقاش وحياة، كلها أمور ستصطدمين بها في الغربة؛ وعليه سيكون من الصعب عليك أن تتحملي كل هذه الاختلافات والصدمات وحدك.

لو تدبّرنا قليلاً سنجد الحل سهلاً ومتاحاً، وقد ذكرتِهِ أنت بنفسك في قلب الفضفضة، وهو أن يتم خطبتكما لسنة أو سنتين؛ بحيث يتسنّى لكما رؤية بعضكما البعض؛ صحيح أن الفترة ستكون أقل بكثير من العادي؛ ولكنها فترة ستكون كافية للتعرّف على أية عيوب ظاهرة، أما العيوب غير الظاهرة؛ فهي في الغالب تكون أقل وطأة من الأخرى الظاهرة، ويمكن تلافيها بعد الجواز.

| 0 التعليقات ]

د.محمد المهدي -استشاري علاج  زواجي  ورئيس قسم الطب النفسي – كلية طب دمياط - جامعة الأزهر

أنماط من الشخصيات يجب الانتباه إليها عند الزواج:
ولما كان موضوع الاستشارة يعتمد أساسًا على الآخرين وأمانتهم وبصيرتهم, ونظرًا لاحتمالات الخداع في هذا الجانب بسبب ضعف التواصل بين الناس وعدم معرفتهم ببعضهم بدرجة كافية حتى ولو كانوا جيرانًا متقابلين في عمارة واحدة أو حتى أقارب, لذلك يصبح للمقابلة الشخصية أهمية كبيرة في قرار الزواج لأنها رؤية فعلية للآخر دون وسيط (خادع أو مخدوع أو مجامل).

ولكن هذه الرؤية أو المقابلة الشخصية المباشرة تحتاج لعلم ومهارة لكي نتمكن من فهم مفاتيح الشخصية وتحديد نمط سلوكها الحالي والمستقبلي. وقد أصبح هذا ممكنًا بناءً على الدراسات المستفيضة في العلوم النفسية بحيث تم تقسيم الشخصيات إلى أنماط لها خصائص محددة ومفاتيح تسهل قراءتها إلى حد كبير. والناس كثيرًا ما تتجمل وتلبس أقنعة ولكنهم لا يستطيعون طول الوقت أن يُخفوا صفاتهم الحقيقية كلها فتفلت منهم أشياء تسهل قراءة بقية السمات التي حاولوا إخفاءها بقصد التجمل أو الخداع, خاصة إذا تكررت المقابلة أكثر من مرة قبل بداية الخطوبة أو أثناء فترة الخطوبة. وهناك مجموعة من الشخصيات يصعب جدًا التعايش معها, ومجموعة أخرى من الشخصيات يمكن التعايش معها مع وجود بعض المتاعب والمشكلات وسنوضح ذلك فيما يلي ليكون مفتاحًا مهمًا في يد المقبلين على الزواج وذويهم ولنقلل من احتمالات الخداع لأقل درجة ممكنة.

                                                                  أولاً:
                                                 شخصيات يصعب الحياة معها


1. الشخصية البارانوية (الشكاك المتعالي):
محور هذه الشخصية الشك في كل الناس وسوء الظن بهم وتوقع العداء والإيذاء منهم فكل الناس في نظره أشرار متآمرون. هو شخص لا يعرف الحب أو الرحمة أو التسامح لأنه في طفولته المبكرة لم يتلقَّ الحب من مصادره الأساسية (الوالدين), لذلك لم يتعلم قانون الحب. وهو دائم الشعور بالاضطهاد والخيانة ممن حوله, وهذا الشعور يولد لديه كراهية وميول عدوانية ناحية كل من يتعامل معهم. ويتخذ عدوانه صورًا كثيرة منها النقد اللاذع والمستمر للآخرين, أو السخرية الجارحة منهم وفي نفس الوقت لا يتحمل أي نقد من أحد فهو لا يخطئ أبدًا (في نظر نفسه) وهو شديد الحساسية لأي شيء يخصه.

والشخص البارانوي لا يغير رأيه بالحوار أو النقاش فلديه ثوابت لا تتغير, ولذلك فالكلام معه مجهد ومتعب دون فائدة, وهو يسيء تأويل كل كلمة ويبحث فيما بين الكلمات عن النوايا السيئة ويتوقع الغدر والخيانة من كل من يتعامل معهم. وهو دائم الاتهام لغيره ومها حاول الطرف الآخر إثبات براءته فلن ينجح بل يزيد من شكه وسوء ظنه, بل إن محاولات التودد والتقرب من الآخرين تجاهه تقلقه وتزيد من شكوكه. وفي بداية حياته تكون لديه مشاعر اضطهاد وكراهية للناس ولذلك يسعى لامتلاك القوة (امتلاك المال أو امتلاك المناصب أو غيرها) فإذا استقرت أوضاعه المالية والاجتماعية ووصل إلى ما يريده فإنه يشعر بالاستعلاء والفخر والعظمة ويتعالى على الآخرين وينظر إليهم باحتقار.


والسؤال الآن: كيف نكتشفه في فترة التعارف أو في فترة الخطوبة؟
نجده كثير الشك في نوايا خطيبته, يسألها كثيرًا أين ذهبت ومع من تكلمت, وماذا تقصد بكلامها, ويجعلها دائمًا في موقف المتهمة المدافعة عن نفسها, وهو شديد الحساسية تجاه أي نقد, في حين يتهكم ويسخر من الآخرين بشكل لاذع. وإذا كانت فتاة نجدها شديدة الغيرة بشكل مزعج حتى من أقرب الناس شديدة الحساسية لأي كلمة أو موقف, كثيرة الشك بلا مبرر, وخطيبها في نظرها كذاب ومخادع وخائن, تعبث في أرقام الهاتف لتعرف أرقام من يتصلون به, وتتنصت على مكالماته وتعبث في أوراقه أو أجنداته أو درج مكتبه للبحث عن دلائل الخيانة. وهذه الشخصيات لا يجد الطرف الآخر أي فرصة معها للسعادة فالوقت كله مستنزف في تحقيقات واتهامات ودفاعات وطلب دلائل براءة ودلائل وفاء.

والسمات البارانوية ربما نجدها بشكل ما في العوانس والمطلقين والمطلقات وفي الأشخاص ذوي الميول المتطرفة، والحياة الزوجية مع هذه الشخصيات بهذه المواصفات تكون أمرًا صعبًا وأحيانًا مستحيلاً.

2. الشخصية النرجسية (الطاووس - المتفرد - المعجباني):
وكلمة النرجسية جاءت من اللغة اليونانية من لفظ Narcissus ومصدرها أسطورة يونانية تقول إنه كان هناك شاب يوناني يجلس أمام بركة ماء فأعجبته صورته فظل ينظر إليها حتى مات.

فالنرجسي معجب بنفسه أشد الإعجاب, يرى نفسه أجمل البشر وأذكاهم وأقواهم, يعتقد أنه متفرد بكل صفات التفوق وبالتالي هو محور الكون, والكل يدورون حوله يؤدون له واجبات الولاء والطاعة، ويُهيّئون له فرص النجاح والتفوق ويمتدحون صفاته المتفردة. تعرفه حين تراه فهو شديد الاهتمام بمظهره وبصحته وبشياكته, يتحدّث عن نفسه كثيرًا وعن إنجازاته وطموحاته. مغرور إلى درجة كبيرة لا يرى أحدًا بجواره، يستخدم الآخرين لخدمة أهدافه ثم يلقي بهم بعد ذلك في سلة المهملات. ليس لديه مساحة للحب, فهو لا يحب إلا نفسه وإذا اضطر للتظاهر بالحب فإن حبه يخلو من أي عمق وأي دفء. يميل كثيرًا للتباهي والشهرة والظهور ويهتم بهذه الأشياء أكثر من اهتمامه بجوهر الأشياء.

ربما يستطيع من خلال تقديره العالي لذاته أن يحقق نجاحات شكلية ظاهرية تدعم لديه شعوره بالتميّز, ولكن الحياة معه تكون غاية في الصعوبة فهو غير قادر على منح شريكة حياته (أو شريك حياتها) أي قدر من الحب بل هو يستغل الشريك لصعود نجمه وتألّقه ثم يلقيه بعد ذلك في أقرب سلة مهملات إذا وجد أنه استنفد أغراضه.

3. الشخصية الهيسترية (الدرامية - الاستعراضية - الزائفة):
هذه الشخصية نجدها أكثر في الفتيات والنساء عمومًا, وهي شخصية مثيرة للجدل ومحيرة وتشكل هي والشخصية السيكوباتية أهم الشخصيات التي كتبت فيهن الأشعار وعنهن الروايات. فهي شخصية تضع من يتعامل معها في حيرة وتناقض, تراها غالبًا جميلة أو جذابة, تغري بالحب ولا تعطيه, تغوي ولا تشبع, تَعِد ولا تفي, والويل لمن يتعامل معها.

تبدي حرارة عاطفية شديدة في الخارج في حين أنها من الداخل باردة عاطفيًا. تبدي إغواءً جنسيًا يهتز له أقوى الرجال, في حين أنها تعاني من البرود الجنسي في الحقيقة, وتكره العلاقة الجنسية وتنفر منها. تعرفها من اهتمامها الشديد بمظهرها, فهي تلبس ألوانًا صارخة تجذب الأنظار مثل الأحمر الفاقع والأصفر الفاقع والأخضر الزاهي والمزركشات. وحين تتكلم تتحدث بشكل درامي وكأنها على المسرح وتبالغ في كل شيء لتجذب اهتمام مستمعيها. ولها علاقات متعددة تبدو حميمية في ظاهرها؛ لأنها قادرة على التلويح بالحب وبالصداقة, ولكن في الحقيقة هي غير قادرة على أي منها.

وفي بدايات العلاقة تراها شديدة الحماس وترفع الطرف الآخر في السماء، ولكن بعد وقت قصير يفتر حماسها وتنطفئ عواطفها الوقتية الزائفة وتهبط بمن أحبته إلى سابع أرض.

يتعلق بها الكثيرون لجمالها وشياكتها وأحيانًا لجاذبيتها وإغرائها, ولكنها تكون غير قادرة على حب حقيقي, وهي متقلبة وسطحية وخادعة ومخدوعة في نفس الوقت, وبالتالي فإن الحياة الزوجية معها تبدو صعبة.

وهي شخصية هشّة غير ناضجة, عندما تواجه أي ضغط خارجي لا تتحمله. فتحدث لها أعراض هستيرية (إغماء - تشنج - شلل هستيري - فقد النطق - أو غيره)، وذلك لجذب التعاطف والاهتمام ممن حولها وإذا لم تجد ذلك فهي تهدد بالانتحار بطريقة درامية، وربما تحاوله بعد أن تكتب خطابًا رومانسيًا أو تهديديًا، كل هذا بهدف استعادة الاهتمام بها.


وهي أنانية لا تهتم إلا بنفسها, ولا تستطيع الاهتمام بزوجها أو بيتها أو أبنائها, لذلك فهي زوجة فاشلة وأم فاشلة تقضي معظم الوقت في شراء الملابس والمجوهرات والإكسسوارات، وتقضي بقيته في التزين والفرجة على نفسها في المرآة واستعراض كل هذا في المناسبات والحفلات.


4. الشخصية السيكوباتية (النصاب - المحتال - المخادع - الساحر):
كذاب, مخادع, محتال, نصاب, عذب الكلام, يعطي وعودًا كثيرة, ولا يفي بأيٍ منها.
 لا يحترم القوانين أو الأعراف أو التقاليد وليس لديه ولاء لأحد، ولكن كل ولائه لملذاته وشهواته. يسخر الجميع للاستفادة منهم واستغلالهم وأحيانا ابتزازهم، لا يتعلم من أخطائه ولا يشعر بالذنب تجاه أحد، لا يعرف الحب, ولكنه بارع في الإيقاع بضحاياه حيث يوهمهم به ويغريهم بالوعود الزائفة, ويعرف ضعفهم ويستغلهم.

عند مقابلته ربما تنبهر بلطفه وقدرته على استيعاب من أمامه وبمرونته في التعامل وشهامته الظاهرية المؤقتة ووعوده البراقة, ولكن حين تتعامل معه لفترة كافية أو تسأل أحد المقربين منه عن تاريخه تجد حياته شديدة الاضطراب ومليئة بتجارب الفشل والتخبط والأفعال اللا أخلاقية, وربما يكون قد تعرض للفصل من دراسته أو من عمله أو دخل السجن؛ بسبب قضايا نصب أو احتيال أو انتحال شخصيات, أو أنه يتعاطى المخدرات بكثرة.

وهذا النموذج يعرفه أصحاب الخبرة في الحياة ولكن تنخدع به الفتيات الصغيرات, فهو ينصب الفخ لفتاة قليلة الحظ من الجمال ويوهمها بالحب, ومن خلال هذا الوهم يبتزها ويستنزفها (ماديًا أو جنسيًا), ويدفعها للصراع مع أهلها لإرغامهم على الموافقة على الزواج منه, وإذا حاولوا أن ينصحوها بالابتعاد عنه (لما يعرفونه عنه وعن أسرته من انحراف) تزداد هي عنادًا وتمسكًا به, وإذا وافق الأهل مضطرين تحت ضغط ابنتهم المخدوعة وإلحاحها فإنه سرعان ما يتهرب منها ويغدر بها, وإذا حدث وتزوجها فإنه يذيقها الأمرين بسبب نزواته وانحرافاته وفشله وعدم تقديره للمسئولية.


5. الشخصية الإدمانية (الباحث عن اللذة دائمًا):
هذا الشخص دائمًا لديه رادار يبحث عن اللذة في أي شيء وفي أي موقف؛ فاللذة هي المحرك الأساسي لسلوكه ولذلك نراه يجرب سائر أنواع المخدرات والمسكرات ويفاضل بينها وينشغل بها, ويجرب سائر أنواع العلاقات العاطفية والجنسية؛ بحثًا عن الأكثر لذة والأكثر متعة, فهو أولاً وأخيرًا ذواقة للأشياء وللبشر ولا يعرف الوفاء لأي شيء ولا لأي شخص وبالتالي لا تدوم معه الحياة ولا يشعر بالمسئولية الدائمة تجاه أحد. وحياته شديدة التقلب شديدة الاضطراب.

تعرفه وهو يمسك بالسيجارة ويستنشق دخانها بعمق شديد منسجمًا ومستمتعًا, وتجد لديه تعلقات كثيرة بمشروبات أو مأكولات فهو عاشق متيم بالتدخين وبفنجان القهوة وبسيجارة الحشيش أو البانجو, وكثير التعاطي للمهدئات والمسكنات والمنشطات والمسكرات. والمرأة بالنسبة لهذا الشخص لا تعدو كونها موضوع جنسي استمتاعي مثل أي شيء يستمتع به ثم يلقيه على قارعة الطريق مثل الزجاجات الفارغة أو يضعها في الطفاية مثل أعقاب السجائر.

وهو رغم ذلك عذب الحديث وجذاب بالنسبة للجنس الآخر ويوهمهم بأنه عازم على ترك إدمانه وأن الحب هو الدواء العظيم له, وتنخدع الضحية وتعتقد أنها ستقوم بدور عظيم في علاج وهداية هذا الشاب الطيب الذي ظلمته الحياة وظلمه الناس ولم يفهموه, وتصر على إتمام الخطبة والزواج منه رغم معارضة أهلها لما يعرفوه عنه من سلوك إدماني, وبعد ذلك تحدث الكارثة وتكتشف المخدوعة أن الإدمان في دمه وليس في يده.

وعلامات هذه الشخصية التي يمكن أن تظهر في فترة التعارف أو الخطوبة: التدخين بشراهة, استعمال أنواع متعددة من المخدرات والمسكرات، وليس شرطًا أن يكون مدمنًا لها جميعًا, تعدد علاقاته العاطفية والجنسية, اضطراب مسار عمله.

وللحديث بقية..

| 0 التعليقات ]

د. محمد المهدي
استشاري علاج زواجي ورئيس قسم الطب النفسي كلية طب دمياط - جامعة الأزهر

قبل أن نتحدّث عن فن اختيار شريك الحياة لا بد من معرفة طبيعة العلاقة الزوجية أولاً حتى نعرف متطلبات الاختيار وأهميتها:

 أولاً: العلاقة الزوجية هي علاقة متعددة الأبعاد؛ بمعنى أنها؛ علاقة جسدية, عاطفية, عقلية, اجتماعية وروحية; ومن هنا وجب النظر إلى كل تلك الأبعاد حين نُفكّر في الزواج, وأي زواج يقوم على بُعد واحد مهما كانت أهمية هذا البُعد يصبح مهددًا بمخاطر كثيرة.

ثانياً: العلاقة الزوجية علاقة أبدية (أو يجب أن تكون كذلك)، وهي ليست قاصرة على الحياة الدنيا فقط، وإنما تمتد أيضًا للحياة الآخرة.

ثالثاً: العلاقة الزوجية شديدة القرب, وتصل في بعض اللحظات إلى حالة من الاحتواء والذوبان.

رابعاً: العلاقة الزوجية شديدة الخصوصية بمعنى أن هناك أسرارًا وخبايا بين الزوجين لا يمكن ولا يصح أن يطّلع عليها طرف ثالث.
 وأكبر خطأ يحدث في الاختيار الزواجي أن ينشغل أحد الطرفين ببعد واحد (اختيار أحادي البعد) ولا ينتبه لبقية الأبعاد.

والزواج ليس علاقة بين شخصين فقط، وإنما هو أيضًا علاقة بين أسرتين وربما بين عائلتين أو حتى بين قبيلتين; أي أن دوائر العلاقة تتسع وتُؤثّر في علاقة الزوجين سلبًا وإيجابًا, ومن هنا تتضح أهمية أسرة المنشأ والعائلة والمجتمع الذي جاء منهما كل طرف. ومن التبسيط المخل أن يقول أحد الطرفين: "أنا أحب شريك حياتي ولا تهمني أسرته أو عائلته أو المجتمع الذي جاء منه", فالشريك لا بد وأنه يحمل في تكوينه الجيني والنفسي إيجابيات وسلبيات أسرته والبيئة التي عاش فيها, ولا يمكن أن نتصوّر شخصًا يبدأ حياته الزوجية وهو صفحة بيضاء ناصعة خالية من أي تأثيرات سابقة, بل الأحرى أنه عاش سنوات مهمة من حياته متأثرًا بما يحيطه من أشخاص وأحداث تُؤثّر في سلوكه المستقبلي, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضة, خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" أخرجه الحاكم.

آليات الاختيار:
بعض الناس يعتقدون أن الزواج قِسمة ونصيب، وبالتالي لا يفيد فيه تفكير أو تدبير أو سؤال, وإنما هو أمر مقدّر سلفًا ولا يملك الإنسان فيه شيئاً، وهذه نظرة تكرّس للسلبية والتواكل ولا تتفق مع صحيح العقل والدين, فعلى الرغم من أن كل شيء في الكون مقدر في علم الله، إلا أن الأخذ بالأسباب مطلوب في كل شيء, ومطلوب بشكل خاص في موضوع الزواج؛ نظرًا لأهميته التي ذكرناها آنفًا, ومطلوب أن يغطي كل المستويات الممكنة. لذلك يمكننا تقسيم آليات الاختيار إلى ثلاثة مستويات أو دوائر كالتالي:

1. الرؤية والتفكير: وذلك بأن نرى المتقدّم للخطبة، ونتحدّث معه، ونحاول بكل المهارات الحياتية أن نستشف من المقابلة والحديث صفاته وطباعه وأخلاقه وذلك من الرسائل اللفظية وغير اللفظية الصادرة عنه, ومن مراجعة لأنماط الشخصيات التي حددها علماء النفس ومفاتيح تلك الشخصيات (سيأتي تفصيل ذلك في هذه الدراسة).

2. الاستشارة: بأن نستشير مَن حولنا من ذوي الخبرة والمعرفة بطباع البشر, ونسأل المقربين أو المحيطين بالشخص المتقدّم للزواج (زملاؤه أو جيرانه أو معارفه)، وذلك لكي نستوفي الجوانب التي لا تستطيع الحكم عليها من مجرد المقابلة, ونعرف التاريخ الطولي لشخصيته، ونعرف طبيعة أسرة المنشأ وطبيعة المجتمع الذي عاش فيه. وفي بعض الأحيان يلجأ أحد الطرفين أو كلاهما لاستشارة متخصص يُحدد عوامل الوفاق والشقاق المحتملة بناءً على استقراء طبيعة الشخصيتين وظروف حياتهما.

3. الاستخارة: ومهما بذلنا من جهد في الرؤية والتفكير والاستشارة تبقى جوانب مستترة في الشخص الآخر لا يعلمها إلا الله الذي يحيط علمه بكل شيء ولا يخفَى عليه شيء, ولهذا نلجأ إليه ليوفقنا إلى القرار الصحيح، وخاصة أن هذا القرار هو من أهم القرارات التي نتخذها في حياتنا إن لم يكن أهمها على الإطلاق. والاستخارة هي استلهام الهدى والتوفيق من الله بعد بذل الجهد البشري الممكن, أما من يتخذ الاستخارة بشكل تواكلي ليريح نفسه من عناء البحث والتفكير والسؤال فإنه أبعد ما يكون عن التفكير السليم.

والاستخارة تتم بصلاة ركعتين بنية الاستخارة يتبعهما الدعاء التالي: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ، وتعلَم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يُسمّي حاجته- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدّره لي ويسّره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شراً في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به" رواه البخاري.

ونتيجة الاستخارة تأتي في صورة توفيق وتوجيه في اتجاه ما هو خير, وليست كما يعتقد العامة ظهور شيء أخضر أو أبيض في المنام، والاستخارة تعطي للإنسان سندًا معنويًا هائلاً وتحميه من الشعور بالندم بعد ذلك.

التوافق والتكامل وليس التشابه أو التطابق:
وما يهم في شريكي الحياة أن يلبّي كل منهما احتياجات الآخر بطريقة تبادلية ومتوازنة, وهذا لا يتطلب تشابههما أو تطابقهما، وإنما يتطلب تكاملهما بحيث يكفي فائض كل شخص لإشباع حاجات الشخص الآخر.

| 0 التعليقات ]

د.محمد المهدي - استشاري علاج زواجي ورئيس قسم الطب النفسي - كلية طب دمياط - جامعة الأزهر




فيما يلي أهم أنماط الاختيار الزوجي التي يتّبعها الناس وليس بالضرورة أن يلتزم المختارون أحد هذه الأنماط منفرداً؛ بل قد يختار الشخص بأكثر من نمط, وكلما تعددت وسائل الاختيار وأنماطه؛ كلما كان أقرب إلى التوازن؛ خاصة إذا كان ملتزماً بالأنماط الصحيّة في الاختيار.







1. العاطفي: وفيه يكون الاختيار قائماً على عاطفة حب قوية لا تخضع للعقل ولا للمنطق، والشخص هنا يعتقد أن الحب -وحده- كفيل بحلّ كل المشاكل، وكفيل ببناء حياة زوجية سعيدة، وبالتالي يكون غير قادر على سماع أو تفهّم نصائح الآخرين له, ويكون شديد العناد في الدفاع عن اختياره على الرغم من وجود عقبات منطقية كثيرة تؤكد عدم التوافق في الزواج، وكلما زادت محاولات إقناع هذا الشخص -رجلاً كان أو امرأة- كلما ازداد إصراراً وعناداً, ولا يوجد حل في هذه الحالة غير ترك الشخص يخوض التجربة بنفسه بحيث يسمح له بالخطبة (وينصح في هذه الأحوال بإطالة فترة التعارف أو الخطبة)، ثم تتكشف له عيوب الطرف الآخر إلى أن يعاني منها, وهنا فقط يمكن أن يتراجع.







2. العقلاني: وهو يقوم على حسابات منطقية لخصائص الطرف الآخر, وبالتالي يخلو من الجوانب العاطفية.







3. الجسدي: ويقوم على الإعجاب بالمواصفات الشكلية للطرف الآخر مثل جمال الوجه أو جمال الجسد.







4. المصلحي: وهو جواز يهدف إلى تحقيق مصلحة مادية أو اجتماعية أو وظيفية من خلال الاقتران بالطرف الآخر. وهذا الاختيار يسقط تماماً إذا يئس صاحبه من تحقيق مصلحته أو إذا استنفد الطرف الآخر أغراضه.







5. الهروبي: وفي هذا النمط نجد الفتاة مثلاً تقبل أي طارق لبابها هرباً من قسوة أبيها أو سوء معاملة زوجة أبيها أو أخيها الأكبر, ولذلك لا تفكّر كثيراً في خصائص الشخص المتقدم لها بقدر ما تفكّر في الهروب من واقعها المؤلم.







6. الاجتماعي: وهذا الاختيار يقوم أساساً على رؤية المحيطين بالطرفين من أهل وأصدقاء؛ حيث يرون أن هذا الشاب مناسب لهذه الفتاة فيبدءون في التوفيق بينهما حتى يتم الزواج. وهو زواج قائم على أسس التوافق الاجتماعي المتعارف عليها بين الناس ولا يوجد دور إيجابي للطرفين الشريكين فيه غير القبول أو الرفض لما يفترضه الآخرون.







7. العائلي: وهو زواج بقصد لمِّ الشمل العائلي أو اتباع تقاليد معيّنة مثل أن يتزوج الشاب ابنة عمه أو ابنة خاله, أو أن يتزوج الشخص من قبيلته دون القبائل الأخرى.







8. الديني: وهو اختيار يتم بناءاً على اعتبارات دينية أو الانتماء لنفس طائفته أو جماعته التي ينتسب إليها.



وهذا الاختيار يؤيّده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".







9. العشوائي: في هذه الحالة نجد الفتاة مثلاً قد فاتها قطار الزواج لذلك تقبل أي زيجة حتى لا تطول عنوستها.







10. المتكامل (متعدد الأبعاد): وفيه يراعي الشخص عوامل متعددة لنجاح الزواج؛ حيث يشتمل على الجانب العاطفي والجانب العقلي والجانب الجسدي والجانب الاجتماعي والجانب الديني.. إلخ. وهذا هو أفضل أنماط الاختيار حيث يقوم الزواج على أعمدة متعددة.



**************************







وبعض الناس يقولون إن عامل الدين هو العامل الوحيد الذي يجب أن يقوم عليه الزواج؛ وذلك مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم: "تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك".







وهذا الحديث الشريف أعطى أهمية أكبر لذات الدين؛ فارتباط المرأة أو الرجل بالدين، يعني ارتباطها بالله وتقديسها له, وينتج عن هذا التقديس احترام لإنسانية الإنسان وكرامته؛ لأنه أكرمُ مخلوقاتِ الله, واحترام للحياة والحفاظ عليها؛ لأنها نعمة من الله تعالى.. وبالتالي تُبنى الحياة الزوجية على مفهوم القداسة ومفهوم الاحترام ومفهوم الكرامة ومفهوم السكن ومفهوم المودّة والرحمة, وكل هذه المفاهيم عوامل نجاح للحياة الزوجية, أما من تُسقِط هذه الاعتبارات من الحياة الزوجية؛ فالحياة معها تكون في غاية الصعوبة.







ومع هذا لا نغفل بقية الجوانب، والتي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى فقال: "خير النساء من إذا نظرت إليها سرّتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا أقسمت عليها أبرّتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" [ رواه النسائي وغيره بسند صحيح].







ونلحظ أن هذا الحديث بدأ بالمنظر السار للمرأة ثم أكمل ببقية الصفات السلوكية. وقد خطب المغيرة بن شعبة امرأة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" (أي تدوم صحبتكما). [رواه الترمذي].



والنظر هنا يختص بالناحية الجمالية وناحية القبول والارتياح الشخصي والتآلف الروحي.







وقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أم سليم إلى امرأة فقال: "انظري إلى عرقوبها وشمي معاطفها"، وفي رواية "شمي عوارضها" [رواه أحمد والحاكم والطبراني والبيهقي].



ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بزواج جابر بن عبد الله من امرأة ثيب قال له: "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك" [متفق عليه].







من كل هذه الأحاديث نفهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل عامل الدين والأخلاق عاملاً مهماً جداً ومؤثراً في الاختيار ومع ذلك لم يُسقط العوامل الأخرى التي يقوم عليها الزواج بما في ذلك العوامل الجسدية.







الحب من أول نظرة





سرّ الانجذاب السريع لبعض الأشخاص، يرجع إلى الاحتمالات التالية منفردة أو مجتمعة:



الخبرات المبكرة في الحياة؛ حيث ارتبطت في أذهاننا صور بعض الأشخاص الذين ربطتنا بهم ذكريات سارة أو قاموا برعايتنا؛ لذلك حين نقابل أحداً يشترك في بعض صفاته مع أولئك الذين أحببناهم؛ فإننا نشعر ناحيته بالانجذاب, وهذا الشعور يكون زائفاً في كثير من الأحيان؛ فليس بالضرورة أن يحمل الشخص الجديد كل صفات المحبوب القديم بل ربما يتناقض معه أحياناً رغم اشتراكهما في بعض الصفات الظاهرة.





قد يكون الانجذاب سريعاً وخاطفاً ولكنه قام على أساس اكتشاف صفة هامة وعميقة في المحبوب, وهذه الصفة لها أهمية كبيرة لدى المحب وهو يبحث عنها من زمن، وحين يجدها ينجذب إليها، وقد تكون شخصية المحبوب محققة لذلك التوقع وقد لا تكون كذلك.





وهذه هي أهمية اللقاء الأول والذي يحدث فيه ارتياح وقبول وأُلفة أو العكس بناء على البرمجة العقلية السابقة والصور الذهنية المخزونة في النفس.. واللقاءات التالية إما أنها تؤكد هذا اللقاء الأول أو تعدّله أو تُلغيه.







الحب والعناد



حين يستحكم الحب من شخص فإنه يكون في غاية العناد فلا يستطيع سماع نصيحة من أحد ولا حتى سماع صوت عقله؛ فهو يريد أن يعيش حالة الحب في صفاء حتى ولو كان مخدوعاً؛ فلذة الحب لديه تفوق أية اعتبارات منطقية, وكلما زادت مواجهة هذا المحب كلما زاد إصراره, ولذلك من الأفضل أن يُترك دون ضغوط ليرى بنفسه من خلال المعايشة الحقيقية (خطوبة مثلاً) أن في محبوبه عيوباً لم يكن يدركها في حالة سكره وعناده, وبالتالي يستطيع هو تغيير رأيه بنفسه, أي أننا ننقل المسئولية إليه (أو إليها) حتى يفيق من سكرة الحب ويخرج من دائرة العناد.







وهذا الموقف نقابله كثيراً لدى الشباب حيث يصرّ أحدهم على شخص معين بناءاً على عاطفة حب قوية وجارفة ولا يستطيع رؤية أي شيءٍ آخر, وتفشل كل المحاولات لإقناعه (أو إقناعها), وكلما زادت محاولات الإقناع كلما زاد العناد, ويصبح الأمر صراع إرادات تختفي خلفه عيوب المحبوب وتضعف بصيرة الحبيب إلى أقصى درجة, والحل الأمثل في مثل هذه الحالات هو الكف عن محاولات الإقناع، وهذا لا يعني عدم إبداء النصيحة الخالصة للطرف المخدوع, وترك الطرف المخدوع والمستلب -تحت وهم الحب- يخوض التجربة بنفسه (أو بنفسها) من خلال إعلان الأهل قبولهم للأمر؛ رغم معرفتهم بآثاره السلبية.. وهنا ومن هذه النقطة تبدأ الحقائق تتكشف رويداً رويداً أمام الطرفين في فترة التعارف أو مقدمات الخطوبة أو في فترة الخطوبة ذاتها وفي أغلب الأحوال يراجع الطرف المخدوع نفسه كلياً أو جزئياً وربما تراجع عن هذا الأمر.







وفي حالة عدم التراجع فالأفضل للأهل أن يقبلوا هذا الأمر الواقع بعد إبداء النصيحة اللازمة وليتحمل الطرف المُصرّ على ذلك مسئوليته, وفي هذه الحالة سوف تكون هناك خسائر ولكنها ستكون أقل بكثير من اتخاذ الأهل موقف عناد مقابل.







الاحتياج أساس مهم للعلاقة الزوجية



والاحتياج هنا كلمة شاملة لكل أنواع الاحتياج الجسدي والعاطفي والعقلي والاجتماعي والروحي؛ ولذلك فالذين لا يحتاجون لا ينجحون في زواجهم, فالأناني يفشل والبخيل يفشل والنرجسي يفشل والمصلحي يفشل لأنهم لا يشعرون بالاحتياج الدائم لطرف آخر, أو أن احتياجاتهم سطحية نفعية مؤقتة.







أصحاب التجارب السابقة



هناك اعتقاد بأن صاحب التجربة السابقة في الزواج (أو صاحبتها) يكون أقرب للنجاح في علاقته الزوجية نظراً لخبرته ودرايته, ولكن هذا غير صحيح؛ فالزواج علاقة ثنائية شديدة الخصوصية في كل مرة, ونتائج الخبرة السابقة لا يصلح تطبيقها مع الشريك الحالي لأن كل إنسان له احتياجاته الخاصة به؛ بل على العكس قد تكون الخبرة السابقة عائقاً في التواصل مع الشريك الحالي حيث يعتقد صاحب الخبرة أن عوامل النجاح أو الفشل في التجربة السابقة يمكن تعميمها في العلاقة الحالية وهذا غير صحيح, وربما يحمل صاحب الخبرة مشاعر سلبية من الطرف السابق يسقطها على الطرف الحالي دون ذنب وربما هذا يجعلنا نفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين علم بزواج جابر بن عبد الله من امرأة ثيب فقال له: "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك" [متفق عليه].







فالزوجان اللذان يبدآن حياتهما كصفحة بيضاء أقرب للتوافق من زوجين يحمل أحدهما أو كليهما ميراث سابق ربما يعوق التوافق الزوجي ويشوّش على الموجات الجديدة.







وأخيراً هذه كانت علامات على الطريق يسترشد بها المُقدمون على الزواج أو آباؤهم وأمهاتهم أخذاً بالأسباب الممكنة؛ ولكن في النهاية نسأل الله التوفيق لشريك يرعى الله في شريكته، وينطبق عليه ما ورد أن جاء رجل إلى الحسن البصري فقال له: يا أبا سعيد: إن عندي بنتاً كثُر خطابها؛ فمن ترى أزوّجها؟ قال: يا ابن أخي زوّجها من يخاف الله ويتقيه؛ فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.





فيما يلي أهم أنماط الاختيار الزوجي التي يتّبعها الناس وليس بالضرورة أن يلتزم المختارون أحد هذه الأنماط منفرداً؛ بل قد يختار الشخص بأكثر من نمط, وكلما تعددت وسائل الاختيار وأنماطه؛ كلما كان أقرب إلى التوازن؛ خاصة إذا كان ملتزماً بالأنماط الصحيّة في الاختيار.







1. العاطفي: وفيه يكون الاختيار قائماً على عاطفة حب قوية لا تخضع للعقل ولا للمنطق، والشخص هنا يعتقد أن الحب -وحده- كفيل بحلّ كل المشاكل، وكفيل ببناء حياة زوجية سعيدة، وبالتالي يكون غير قادر على سماع أو تفهّم نصائح الآخرين له, ويكون شديد العناد في الدفاع عن اختياره على الرغم من وجود عقبات منطقية كثيرة تؤكد عدم التوافق في الزواج، وكلما زادت محاولات إقناع هذا الشخص -رجلاً كان أو امرأة- كلما ازداد إصراراً وعناداً, ولا يوجد حل في هذه الحالة غير ترك الشخص يخوض التجربة بنفسه بحيث يسمح له بالخطبة (وينصح في هذه الأحوال بإطالة فترة التعارف أو الخطبة)، ثم تتكشف له عيوب الطرف الآخر إلى أن يعاني منها, وهنا فقط يمكن أن يتراجع.







2. العقلاني: وهو يقوم على حسابات منطقية لخصائص الطرف الآخر, وبالتالي يخلو من الجوانب العاطفية.







3. الجسدي: ويقوم على الإعجاب بالمواصفات الشكلية للطرف الآخر مثل جمال الوجه أو جمال الجسد.







4. المصلحي: وهو جواز يهدف إلى تحقيق مصلحة مادية أو اجتماعية أو وظيفية من خلال الاقتران بالطرف الآخر. وهذا الاختيار يسقط تماماً إذا يئس صاحبه من تحقيق مصلحته أو إذا استنفد الطرف الآخر أغراضه.







5. الهروبي: وفي هذا النمط نجد الفتاة مثلاً تقبل أي طارق لبابها هرباً من قسوة أبيها أو سوء معاملة زوجة أبيها أو أخيها الأكبر, ولذلك لا تفكّر كثيراً في خصائص الشخص المتقدم لها بقدر ما تفكّر في الهروب من واقعها المؤلم.







6. الاجتماعي: وهذا الاختيار يقوم أساساً على رؤية المحيطين بالطرفين من أهل وأصدقاء؛ حيث يرون أن هذا الشاب مناسب لهذه الفتاة فيبدءون في التوفيق بينهما حتى يتم الزواج. وهو زواج قائم على أسس التوافق الاجتماعي المتعارف عليها بين الناس ولا يوجد دور إيجابي للطرفين الشريكين فيه غير القبول أو الرفض لما يفترضه الآخرون.







7. العائلي: وهو زواج بقصد لمِّ الشمل العائلي أو اتباع تقاليد معيّنة مثل أن يتزوج الشاب ابنة عمه أو ابنة خاله, أو أن يتزوج الشخص من قبيلته دون القبائل الأخرى.







8. الديني: وهو اختيار يتم بناءاً على اعتبارات دينية أو الانتماء لنفس طائفته أو جماعته التي ينتسب إليها.



وهذا الاختيار يؤيّده حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه, إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".







9. العشوائي: في هذه الحالة نجد الفتاة مثلاً قد فاتها قطار الزواج لذلك تقبل أي زيجة حتى لا تطول عنوستها.







10. المتكامل (متعدد الأبعاد): وفيه يراعي الشخص عوامل متعددة لنجاح الزواج؛ حيث يشتمل على الجانب العاطفي والجانب العقلي والجانب الجسدي والجانب الاجتماعي والجانب الديني.. إلخ. وهذا هو أفضل أنماط الاختيار حيث يقوم الزواج على أعمدة متعددة.



**************************







وبعض الناس يقولون إن عامل الدين هو العامل الوحيد الذي يجب أن يقوم عليه الزواج؛ وذلك مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري ومسلم: "تُنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك".







وهذا الحديث الشريف أعطى أهمية أكبر لذات الدين؛ فارتباط المرأة أو الرجل بالدين، يعني ارتباطها بالله وتقديسها له, وينتج عن هذا التقديس احترام لإنسانية الإنسان وكرامته؛ لأنه أكرمُ مخلوقاتِ الله, واحترام للحياة والحفاظ عليها؛ لأنها نعمة من الله تعالى.. وبالتالي تُبنى الحياة الزوجية على مفهوم القداسة ومفهوم الاحترام ومفهوم الكرامة ومفهوم السكن ومفهوم المودّة والرحمة, وكل هذه المفاهيم عوامل نجاح للحياة الزوجية, أما من تُسقِط هذه الاعتبارات من الحياة الزوجية؛ فالحياة معها تكون في غاية الصعوبة.







ومع هذا لا نغفل بقية الجوانب، والتي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى فقال: "خير النساء من إذا نظرت إليها سرّتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا أقسمت عليها أبرّتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك" [ رواه النسائي وغيره بسند صحيح].







ونلحظ أن هذا الحديث بدأ بالمنظر السار للمرأة ثم أكمل ببقية الصفات السلوكية. وقد خطب المغيرة بن شعبة امرأة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: "انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" (أي تدوم صحبتكما). [رواه الترمذي].



والنظر هنا يختص بالناحية الجمالية وناحية القبول والارتياح الشخصي والتآلف الروحي.







وقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أم سليم إلى امرأة فقال: "انظري إلى عرقوبها وشمي معاطفها"، وفي رواية "شمي عوارضها" [رواه أحمد والحاكم والطبراني والبيهقي].



ولما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بزواج جابر بن عبد الله من امرأة ثيب قال له: "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك" [متفق عليه].







من كل هذه الأحاديث نفهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جعل عامل الدين والأخلاق عاملاً مهماً جداً ومؤثراً في الاختيار ومع ذلك لم يُسقط العوامل الأخرى التي يقوم عليها الزواج بما في ذلك العوامل الجسدية.







الحب من أول نظرة





سرّ الانجذاب السريع لبعض الأشخاص، يرجع إلى الاحتمالات التالية منفردة أو مجتمعة:



الخبرات المبكرة في الحياة؛ حيث ارتبطت في أذهاننا صور بعض الأشخاص الذين ربطتنا بهم ذكريات سارة أو قاموا برعايتنا؛ لذلك حين نقابل أحداً يشترك في بعض صفاته مع أولئك الذين أحببناهم؛ فإننا نشعر ناحيته بالانجذاب, وهذا الشعور يكون زائفاً في كثير من الأحيان؛ فليس بالضرورة أن يحمل الشخص الجديد كل صفات المحبوب القديم بل ربما يتناقض معه أحياناً رغم اشتراكهما في بعض الصفات الظاهرة.





قد يكون الانجذاب سريعاً وخاطفاً ولكنه قام على أساس اكتشاف صفة هامة وعميقة في المحبوب, وهذه الصفة لها أهمية كبيرة لدى المحب وهو يبحث عنها من زمن، وحين يجدها ينجذب إليها، وقد تكون شخصية المحبوب محققة لذلك التوقع وقد لا تكون كذلك.





وهذه هي أهمية اللقاء الأول والذي يحدث فيه ارتياح وقبول وأُلفة أو العكس بناء على البرمجة العقلية السابقة والصور الذهنية المخزونة في النفس.. واللقاءات التالية إما أنها تؤكد هذا اللقاء الأول أو تعدّله أو تُلغيه.







الحب والعناد



حين يستحكم الحب من شخص فإنه يكون في غاية العناد فلا يستطيع سماع نصيحة من أحد ولا حتى سماع صوت عقله؛ فهو يريد أن يعيش حالة الحب في صفاء حتى ولو كان مخدوعاً؛ فلذة الحب لديه تفوق أية اعتبارات منطقية, وكلما زادت مواجهة هذا المحب كلما زاد إصراره, ولذلك من الأفضل أن يُترك دون ضغوط ليرى بنفسه من خلال المعايشة الحقيقية (خطوبة مثلاً) أن في محبوبه عيوباً لم يكن يدركها في حالة سكره وعناده, وبالتالي يستطيع هو تغيير رأيه بنفسه, أي أننا ننقل المسئولية إليه (أو إليها) حتى يفيق من سكرة الحب ويخرج من دائرة العناد.







وهذا الموقف نقابله كثيراً لدى الشباب حيث يصرّ أحدهم على شخص معين بناءاً على عاطفة حب قوية وجارفة ولا يستطيع رؤية أي شيءٍ آخر, وتفشل كل المحاولات لإقناعه (أو إقناعها), وكلما زادت محاولات الإقناع كلما زاد العناد, ويصبح الأمر صراع إرادات تختفي خلفه عيوب المحبوب وتضعف بصيرة الحبيب إلى أقصى درجة, والحل الأمثل في مثل هذه الحالات هو الكف عن محاولات الإقناع، وهذا لا يعني عدم إبداء النصيحة الخالصة للطرف المخدوع, وترك الطرف المخدوع والمستلب -تحت وهم الحب- يخوض التجربة بنفسه (أو بنفسها) من خلال إعلان الأهل قبولهم للأمر؛ رغم معرفتهم بآثاره السلبية.. وهنا ومن هذه النقطة تبدأ الحقائق تتكشف رويداً رويداً أمام الطرفين في فترة التعارف أو مقدمات الخطوبة أو في فترة الخطوبة ذاتها وفي أغلب الأحوال يراجع الطرف المخدوع نفسه كلياً أو جزئياً وربما تراجع عن هذا الأمر.







وفي حالة عدم التراجع فالأفضل للأهل أن يقبلوا هذا الأمر الواقع بعد إبداء النصيحة اللازمة وليتحمل الطرف المُصرّ على ذلك مسئوليته, وفي هذه الحالة سوف تكون هناك خسائر ولكنها ستكون أقل بكثير من اتخاذ الأهل موقف عناد مقابل.







الاحتياج أساس مهم للعلاقة الزوجية



والاحتياج هنا كلمة شاملة لكل أنواع الاحتياج الجسدي والعاطفي والعقلي والاجتماعي والروحي؛ ولذلك فالذين لا يحتاجون لا ينجحون في زواجهم, فالأناني يفشل والبخيل يفشل والنرجسي يفشل والمصلحي يفشل لأنهم لا يشعرون بالاحتياج الدائم لطرف آخر, أو أن احتياجاتهم سطحية نفعية مؤقتة.







أصحاب التجارب السابقة



هناك اعتقاد بأن صاحب التجربة السابقة في الزواج (أو صاحبتها) يكون أقرب للنجاح في علاقته الزوجية نظراً لخبرته ودرايته, ولكن هذا غير صحيح؛ فالزواج علاقة ثنائية شديدة الخصوصية في كل مرة, ونتائج الخبرة السابقة لا يصلح تطبيقها مع الشريك الحالي لأن كل إنسان له احتياجاته الخاصة به؛ بل على العكس قد تكون الخبرة السابقة عائقاً في التواصل مع الشريك الحالي حيث يعتقد صاحب الخبرة أن عوامل النجاح أو الفشل في التجربة السابقة يمكن تعميمها في العلاقة الحالية وهذا غير صحيح, وربما يحمل صاحب الخبرة مشاعر سلبية من الطرف السابق يسقطها على الطرف الحالي دون ذنب وربما هذا يجعلنا نفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين علم بزواج جابر بن عبد الله من امرأة ثيب فقال له: "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك" [متفق عليه].







فالزوجان اللذان يبدآن حياتهما كصفحة بيضاء أقرب للتوافق من زوجين يحمل أحدهما أو كليهما ميراث سابق ربما يعوق التوافق الزوجي ويشوّش على الموجات الجديدة.







وأخيراً هذه كانت علامات على الطريق يسترشد بها المُقدمون على الزواج أو آباؤهم وأمهاتهم أخذاً بالأسباب الممكنة؛ ولكن في النهاية نسأل الله التوفيق لشريك يرعى الله في شريكته، وينطبق عليه ما ورد أن جاء رجل إلى الحسن البصري فقال له: يا أبا سعيد: إن عندي بنتاً كثُر خطابها؛ فمن ترى أزوّجها؟ قال: يا ابن أخي زوّجها من يخاف الله ويتقيه؛ فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.